تـقــــديــــــــم

مرحبا كيف حالك ؟ تريد البقاء هنا ؟

اشفق عليك لآنك ستكتشف ان القدر رتب لك لقاء مع رجل سجين، يبحث عن صيغة مناسبة يقنع بها حوائط غرفته كى يبتعدوا قليلاً عنه حتى يتنفس ..!!


الثلاثاء، 27 أبريل 2010

الحاكم والعصفور




أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ

لأقرأَ شعري للجمهورْ

فأنا مقتنعٌ

أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ

وأنا مقتنعٌ – منذُ بدأتُ –

بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ

وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ

أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ

وليسَ معي إلا دفترْ

يُرسلني المخفرُ للمخفرْ

يرميني العسكرُ للعسكرْ

وأنا لا أحملُ في جيبي إلا عصفورْ

لكنَّ الضابطَ يوقفني

ويريدُ جوازاً للعصفورْ

تحتاجُ الكلمةُ في وطني

لجوازِ مرورْ

أبقى موقوفا ساعاتٍ

منتظراً فرمانَ المأمورْ

أتأمّلُ في أكياسِ الرملِ

ودمعي في عينيَّ بحورْ

وأمامي كانتْ لافتةٌ

تتحدّثُ عن (وطنٍ واحدْ)

تتحدّثُ عن (شعبٍ واحدْ)

وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ

أتقيأُ أحزاني..

وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ

وأظلُّ على بابِ بلادي

مرميّاً..

كالقدحِ المكسورْ

الحب لا يقف على الضوء الأحمر




هذا كتابي الأربعُونَ .. ولم أزَلْ
أحْبُو كتلميذٍ صغيرٍ .. في هَوَاكِ
هذا كتابي الأربَعُونَ..
ورغمَ كلِّ شَطَارتي .. ومَهَارتي
لم يرضَ عنّي ناهداكِ...
كلُّ اللغات قديمةٌ جداً..
وأَضْيَقُ من رُؤايَ ومن رُؤاكِ..
لا بدَّ من لغةٍ أُفَصِّلُها عليكِ .. حبيبتي..
لا بدَّ من لغةٍ تليقُ بمستواكِ
***
حَلَّقتُ آلافَ السنين.. وما وصلتُ إلى ذُرَاكِ
وجلبتُ تيجانَ الملوكِ..
وما حصلتُ على رضَاكِ..
وصعدتُ فوق الأبْجَديَّة كي أراكِ..
يا مَنْ تخيطُ قصائدي ثوباً لها..
هل ممكنٌ بين القصيدةِ .. والقصيدةِ ..
أنْ أراكِ؟؟...

أوريانتيا




أوريانتيا
صديقة من آسيا
الأنف من شيراز
والعينان من قفقاسيا
.. والشفتان .. زهرتا أضاليا
أوريانتيا
.. تكونت
من رغوة البحار
من نكهة المانغو
.. من الأصداف والمحار
من كل ما في الهند
من طيب .. ومن بهار
أوريانتيا
شاحبة جملت الشحوب
.. دافئة
كالبن في مزارع الجنوب
تائبة ! من قال ؟
جل الحسن أن يتوب
أوريانتيا
نهدان واقفان
كقبتي نحاس
في ذهب المغيب
صحنان صينيان رائعان
قلعان من لهيب
.. تزودا من آسيا
.. بزهرتي غاردينيا
.. بعنبر .. بفلفل .. بطيب
.. وحبتي زبيب
أوريانتيا
شاحبة جملت الشحوب
أوريانتيا
.. أحر ما عرفت من توابل الجنوب

حب استثنائي لامرأة استثنائية





أكثر ما يعذبني في حبك ..
أنني لا أستطيع أنْ أحبك أكثر ..
وأكثر ما يضايقني في حواسي الخمس ..
أنها بقيت خمساً .. لا أكثر ..
إنَّ أمرأةً استثنائية مثلك
تحتاج إلى أحاسيس استثنائية ..
وأشواق استثنائية ..
ودموع استثنائية ..
لها تعاليمها ، وطقوسها ، وجنتها ، ونارها
إنَّ أمرأةً استثنائية مثلك ..
تحتاج إلى كتب تكتب لها وحدها ..
وحزن خاص بها وحدها ..
وموت خاص بها وحدها
وزمن بملايين الغرف ..
تسكن فيه وحدها ..
لكنني واأسفاه ..
لا أستطيع أن أعجن الثواني
على شكل خواتم أضعها في أصابعك
فالسنة محكومة بشهورها
والشهور محكومة بأسابيعها
والأسابيع محكومة بأيامها
وأيامي محكومة بتعاقب الليل والنهار
في عينيكِ البنفسجيتين ..
أكثر ما يعذبني في اللغة .. أنها لا تكفيكِ ..
وأكثر ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتبكِ ..
أنتِ امرأة صعبة ..
أنتِ امرأة لا تُكتب ..
كلماتي تلهث كالخيول على مرتفعاتكِ..
ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئية ..
معكِ لا توجد مشكلة ..
إنَّ مشكلتي هي مع الأبجدية ..
مع ثمانٍ وعشرين حرفاً ، لا تكفيني لتغطية بوصة
واحدة من مساحات أنوثتك ..
ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهكِ
الجميل ..
إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ ..
أنكٍ امرأة متعددة ..
واللغة واحدة ..
فماذا تقترحين أنْ أفعل ؟
كي أتصالح مع لغتي ..
وأزيل هذه الغربة ..
بين الخزف ، وبين الأصابع
بين سطوحكِ المصقولة ..
وعرباتي المدفونة في الثلج ..
بين محيط خصركِ ..
وطموح مراكبي ..
لاكتشاف كروية الأرض ..
ربما كنتِ واضيةً عني ..
لأنني جعلتكِ كالأميرات في كتب الأطفال
ورسمتكِ كالملائكة على سقوف الكنائس ..
ولكنني لست راضياً عن نفسي ..
فقد كان بإمكاني أنْ أرسمكِ بطريقةٍ أفضل ..
ولكن الوقت فاجأني
وأنا معلَّق بين النحاس .. وبين الحليب ..
بين النعاس .. وبين البحر ..
بين الخطوط المنحنية .. والخطوط المستقيمة ..
ربما كنتِ قانعةً ، مثل كل النساء
بأية قصيدة حبٍ . تقال إليكِ ..
أمَّا أنا فغير قانع بقناعاتك ..
فهناك مئات من الكلمات تطلب مقابلتي ..
ولا أقابلها ..
وهناك مئات من القصائد ..
تجلس ساعات في غرفة الانتظار ..
فاعتذر لها ..
إنني لا أبحث عن قصيدةٍ ما ..
لامرأةٍ ما ..
ولكنني أبحث عن قصيدتكِ أنتِ ..
إنني عاتب على جسدي
لأنه لم يستطع ارتدائكِ بشكلٍ أفضل ..
وعاتب على خيالي ..
لأنه لم يتخيل كيف يمكن أن تنفجر البروق
وأقواس قُزح ..
من نهرين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامن عشر ..
بصورةٍ رسمية ...
ولكن .. ماذا ينفع العتب الآن ..
بعد أن أصبحت علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة
سقطت في البحر ..
وكانميزان الزلازل
يتنبأ باهتزاز الأرض ..
ويعطي علامات يوم القيامة ..
ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفاية ..
لالتقط إشاراتكِ ..
ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفاية ..
لأقرأ أفكار الموج والزبد
وأسمع إيقاع دورتكِ الدموية ...
أكثر ما يعذبني في تاريخي معكِ ..
أنني عاملتكِ على طريقة بيدبا الفيلسوف
ولم أعاملك على طريقة رامبو ، وزوربا .
وفان جوخ ، وديك ألجن .. وسائر المجانين
عاملتكِ كأستاذ جامعي ..
يخاف أن يحب طالبته الجميلة ..
حتى لا يخسر شرفه الأكاديمي ..
لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الاعتذار إليكِ ..
عن جميع أشعار التصوف التي أسمعتكِ إياها
يوم كنتِ تأتين إليَّ ..
مليئة كالسنبلة ..
وطازجة كالسمكة الخارجة من البحر ..
أعتذر إليكِ ..
بالنيابة عن ابن الفارض ، وجلال الدين الرومي ،
ومحي الدين بن عربي ..
عن كل التنظيرات .. والتهويمات .. والرموز ..
والأقنعة التي كنت أضعها على وجهي ، في
غرفة الحب ..
يوم كان المطلوب مني ..
أنْ أكون قاطعاً كالشفرة
وهجومياً كفهدٍ إفريقي ..
أشعر برغبةٍ في الاعتذار إليكِ ..
عن غبائي الذي لا مثيل له ..
وجبني الذي لا مثيل له ..
وعن كل الحكم المأثورة ..
التي كنت أحفظها عن ظهر قلب ..
أعترف لكِ يا سيدتي ..
أنكِ كنتِ امرأةً استثنائية
وأنَّ غبائي كان استثنائياً ...
فاسمحي لي أن اتلو أمامكِ فعل الندامة
عن كل مواقف الحكمة التي صدرت عني ...
فقد تأكد لي ..
بعدما خسرت السباق ..
وخسرت نقودي ..
وخيولي ..
أنَّ الحكمة هي أسوأ طبقٍ نقدِّمه ..
لامرأةٍ نحبها ...

الاثنين، 26 أبريل 2010

من يوميات رجل مجنون





1
إذا ما صَرَختُ:
" أُحِبُّكِ جِدَّاً"
" أُحِبُّكِ جِدَّاً"
فلا تُسْكِتيني.
إذا ما أضعتُ اتزّاني
وطَوَّقتُ خَصْرَكِ فوق الرصيفِ،
فلا تَنْهَريني..
إذا ما ضَرَبتُ شبابيكَ نَهْدَيْكِ
كالبَرْقِ، ذات مَسَاءٍ
فلا تُطْفئيني..
إذا ما نَزَفْتُ كديكٍ جريحٍ على سَاعِدَيْكِ
فلا تُسْعِفيني..
إذا ما خرجتُ على كلِّ عُرْفٍ ، وكُلِّ نظامٍ
فلا تَقْمَعيني..
أنا الآن في لَحَظاتِ الجُنُونِ العظيمِ
وسوفَ تُضيعين فُرْصَةَ عُمْركِ
إنْ أنتِ لم تَسْتَغِلِّي جُنُوني.
2
إذا ما تدفَّقْتُ كالبحر فوقَ رِمَالكِ..
لا تُوقِفيني..
إذا ما طلبتُ اللجوءَ إلى كُحْل عَيْنَيْكِ يوماً،
فلا تطرُديني..
إذا ما انْكَسَرتُ فتافيتَ ضوءٍ على قَدَميْكِ،
فلا تَسْحقيني..
إذا ما ارْتَكَبْتُ جريمةَ حُبٍّ..
وضَيَّع لونُ البرونْزِ المُعَتَّقِ في كَتِفَيْكِ .. يقيني
إذا ما تصرّفتُ مثلَ غُلامٍ شَقيٍّ
وغَطَّسْتُ حَلْمَةَ نهداكِ بالخَمْرِ...
لا تَضْرِبيني.
أنا الآنَ في لَحَظات الجُنُونِ الكبيرِ
وسوفَ تُضيعينَ فُرْصَةَ عُمْرِكِ،
إنْ أنتِ لم تَسْتَغِلِّي جُنُوني.
4
إذا ما كتبتُ على وَرَق الوردِ،
أَنِّي أُحِبُّكِ...
أرجوكِ أَنْ تقرأيني..
إذا ما رَقَدتُ كطفلٍ، بغاباتِ شَعْرِكِ،
لا تُوقظيني.
إذا ما حملتُ حليبَ العصافير .. مَهْرَاً
فلا تَرْفُضيني..
إذا ما بعثتُ بألفِ رسالةِ حُبٍّ
إليكِ...
فلا تُحْرِقيها .. ولا تُحْرِقيني..
5
إذا ما رأَوكِ معي، في مقاهي المدينة يوماً،
فلا تُنكريني..
فكُلُّ نِسَاء المدينة يعرفْنَ ضَعْفي أمامَ الجَمَالِ..
ويعرفنَ ما مصدرُ الشِعْرِ والياسمينِ..
فكيف التَخَفّي؟
وأنتِ مُصَوَّرَةٌ في مياه عُيوني.
أنا الآنَ في لحظات الجُنُون المُضيءِ
وسوفَ تُضِيعينَ فُرْصَةَ عُمْركِ،
إنْ أنتِ لم تستغلِّي جُنُوني.
6
إذا ما النبيذُ الفَرَنْسيُّ ،
فَكَّ دبابيسَ شَعْرِكِ دونَ اعتذارِ
فحاصَرَني القمحُ من كُلِّ جانبْ
وحاصَرَني الليلُ من كُلِّ جانبْ
وحاصَرَني البحرُ من كُلِّ جانبْ
وأصبحتُ آكلُ مثلَ المجانينِ عُشْبَ البراري..
وما عدتُ أعرفُ أينَ يميني..
وما عدتُ أعرفُ أينَ يساري؟
7
إذا ما النبيذُ الفرنسيُّ،
ألغى الفُروقَ القديمةَ بين بقائي وبين انتحاري
فأرجوكِ ، باسْمِ جميع المجاذيبِ ، أن تَفْهَميني
وأرجوكِ، حين يقولُ النبيذُ كلاماً عن الحُبِّ.
فوق التوقُّع .. أن تعذُريني.
أنا الآنَ في لحظات الجُنُونِ البَهيِّ
وسوفَ تُضيعينَ فُرْصَةَ عُمركِ
إنْ أنتِ لم تستغلِّي جُنوني..
8
إذا ما النبيذُ الفرنسيُّ،
ألْغَى الوُجُوهَ ،
وألْغَى الخُطُوطَ،
وألْغَى الزوايا.
ولم يَبْقَ بين النساءِ سواكِ.
ولم يَبْقَ بين الرجال سوايا.
وما عدتُ أعرفُ أين تكونُ يَدَاكِ ..
وأينَ تكونُ يدايا..
وما عدتُ أعرفُ كيف أُفرِّقُ بين النبيذِ،
وبين دِمَايا..
وما عدتُ أعرفُ كيف أُميِّز بين كلام يديْكِ
وبين كلام المرايا..
إذا ما تناثرتُ في آخر الليل مثلَ الشظايا
وحاصَرَني العشْقُ من كُلِّ جانبْْ
وحاصَرَني الكُحْلُ من كُلِّ جانبْ
وضَيَّعتُ إسْمي.
وعُنوانَ بيتي..
وضيَّعْتُ أسماءَ كُلِّ المراكِبْ
فأرجوكِ ، بعد التناثُرِ ، أن تَجْمَعيني.
وأرجوكِ ، بعدَ انْكِساريَ ، أن تُلْصِقيني
وأرجوكِ ، بعدَ مَمَاتيَ ، أن تَبْعَثيني
أنا الآن في لَحَظاتِ الجنونِ الكبيرِ
وسوف تُضِيعين فُرْصَةَ عُمْرِكِ
إنْ أنتِ لم تَسْتَغِلِّي جُنوني.
9
إذا ما النبيذُ الفرنسيُّ ،
شالَ الكيمونُو عن الجَسَد الآسيويِّ
فأطْلَعَ من عُتْمةِ النَهْد فَجْرَا
وأطْلَعَ منهُ مَحَاراً..
وأطْلَعَ منه نُحاساً، وشاياً وعاجاً
وأطْلَعَ أشياءَ أُخرى..
إذا ما النبيذُ الفرنسيُّ،
ألغى اللُّغاتِ جميعاً.
وحوَل كُلَ الثقافات صِفْرَا..
وكُلَّ الحضاراتِ صِفْرَا
وحوَّل ثَغْرَكِ بُسْتَانَ وردٍ
وحوَّلَ ثَغْريَ خمسين ثَغْرا..
إذا ما النبيذُ الفرنسيُّ أعلنَ في آخر الليلِ ،
أنّكِ أحلى النساءْ..
وأرشقُهُنَّ قواماً وخَصْرَا
وأعْلَنَ أنَّ الجميلاتِ في الكون نَثْرٌ
ووَحْدَكِ أنتِ التي صِرْتِ شِعْرَا
فباسْم السُكَارى جميعاً
وباسْمِ الحَيَارى جميعاً
وباسْمِ الذينَ يُعانونَ من لعنة الحُبِّ ،
أرجوكِ لا تَلْعَنيني..
وباسْمِ الذين يعانونَ من ذَبْحةِ القلبِ،
أرجوكِ لا تَذْبحيني..
أنا الآنَ في لَحَظاتِ الجُنُونِ العظيمِ
وسوفَ تُضِيعين فُرْصَة عُمْرِكِ،
إنْ أنتِ لم تستغلِّي جُنُوني..

أقدم أعتذارى....





أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار
عن الكتابات التي كتبتها
عن الحماقات التي ارتكبتها
عن كل ما أحدثته
في جسمك النقي من دمار
وكل ما أثرته حولك من غبار
أقدم اعتذاري

أقدم اعتذاري
عن كل ما كتبت من قصائد شريرة
في لحظة انهياري
فالشعر ، يا صديقتي ، منفاي واحتضاري
طهارتي وعاري
ولا أريد مطلقا أن توصمي بعاري
من أجل هذا .. جئت يا صديقتي
أقدم اعتذاري

إلى سيدة تصطنع الهدوء.....





خُذي وَقْتَكِ، يا سيدتي العزيزَهْ
فلا أحدَ يُرغمُكِ على الإدلاء باعترافاتٍ كاذبَهْ
ولا أحدَ يُريدُ منكِ أن تفعلي الحبَّ..
تحت تأثير الخمرة.. أو المُخدِّرْ.
كما لو كنتِ تخلعينَ أحدَ أضراسِكْ..
لستِ مُضطرةً للتَبَرُّع بنِصْفِ فَمِكْ..
أو نصفِ يدِكْ..
فلا الشفاهُ قابلةٌ للقِسْمَهْ..
ولا الأنوثةُ قابلةٌ للقِسْمَهْ..
هذا هو الموقفُ يا سيّدتي..
فلا تخاطبيني وأنتِ مُضْطَجعةٌ على سريركِ الملكيّْ
فآخرُ اهتماماتي.. سَنْدُ خاصِرَةِ المَلِكاتْ..
وقراءةُ شعري..
في مجالسِ الملكاتْ..
2
خُذِي الوقْتَ الذي تستغرقُهُ اللؤلؤةُ لتتشكَّلْ.
والسُنُونوَّةُ لتصنعَ بجناحيها صيفاً..
خُذِي الوقْتَ الذي يستغرقُهُ النهدْ..
ليصبحَ حصاناً أبيضْ..
خذي الأزْمِنَةَ التي ذَهَبَتْ..
والأزْمِنَةَ التي سوف تأتي..
فالمسافةُ طويلَهْ..
بين آخر النبيذ.. وأوَّلِ الكِتابَهْ
وأنا لستُ مستعجلاً عليكِ..
أو على الشِّعْرْ..
فالعيونُ الجميلةُ غير قابلةٍ للاغتصابْ..
والكلماتُ الجميلةُ غيرُ قابلةٍ للاغتصابْ..
والذين لهمْ خبرةٌ بشؤون البحرْ..
يعرفونَ أنَّ السُفُنَ الذكيّةَ لا تستعجلُ الوصول..
وان السواحلَ هي شيخوخةُ المراكبْ..
3
خُذِي وَقْتَكِ..
أيّتُها السيّدةُ التي تصطنعُ الهدوءْ
إنني لا أُطالبُكِ بارتجالِ العواطفْ..
فلا أحدَ يستطيع تفجيرَ ماء الينابيعْ
ولا أحدَ يستطيع رَشْوَةَ البَرق والرعدْ..
ولا أحدَ يستطيعُ إكراهَ قصيدةٍ
على النوم مع شاعرٍ لا تُريدُهْ..
4
خُذي وقْتَكِ.. أيّتها الهوائيَّةُ الأطوارْ..
يا امرأةَ التحوُّلات، والطقْسِ الذي لا يستقِرْ
أيتها المسافرةُ بين القُطبِ.. وخَطِّ الإستواءْ
بين انفجارات الشِعْر.. ورَمَادِ الكلام اليوميّْ
خُذي وَقْتَكِ..
خُذي وَقْتَكِ..
إن نارَ الحطب لا تزال في أوّلها..
ونارَ القصيدة لا تزال في أوّلِها..
وأنا لستُ مستعجلاً على انشقاق البحرْ..
وذوبان الثلوج.. على مرتفعات نهديْكْ..
إنني لا أطالبُكِ بإحراق سُفُنِكْ..
والتخلّي عن مملكتك.. وحاشيتكْ.. وامتيازاتِك الطَبَقيَّهْ..
لا أطالبُكِ بأن تركبي معي فَرَسَ الجنونْ..
فالجنونُ هو موهبةُ الفقراء وحدَهمْ..
والشعراء وحْدَهم..
وأنتِ تريدينَ أن تحتفظي بتاج الملِكاتْ..
لا بتاج الكلماتْ..
أنتِ امرأةُ العقل الذي يحسب حساباً لكلّ شيءْ
وأنا رجُلُ الشِعْر الذي لا يُقيم حساباً لأيِّ شيءْ..

الأحد، 25 أبريل 2010

هاملت شاعراً





أن تكوني امرأة .. أو لا تكوني
تلك .. تلك المسألة
أن تكوني امرأتي المفضلة
قطتي التركية المدللة
أن تكوني الشمس ، يا شمس عيوني
ويدا طيبة فوق جبيني
أن تكوني في حياتي المقبلة
نجمة .. أو وردة .. أو سنبلة
تلك .. تلك المشكلة

أن تكوني كل شي
أو تضيعي كل شي
إن طبعي ، عندما أهوى
كطبع البربري
أن تكوني
كل ما يحمله نوار من عشب ندي
أن تكوني .. دفتري الأزرق
أوراقي .. مدادي الذهبي
أن تكوني
كلمة تبحث عن عنوانها في شفتي
طفلة تكبر ما بين يدي
آه .. يا حورية أرسلها البحر إلي
آه .. يا رمحا بأعماقي
ويا جرحي الطري
آه .. يا ناري
وأمطاري
ويا قرع الطبول الهمجي

إفهميني
أتمنى مخلصا ، أن تفهميني
ربما .. أخطأت في شرح ظنوني
ربما .. لم أحسن التعبير عما يعتريني
ربما .. سرت إلى حبك معصوب العيون
ونسفت الجسر ما بين اتزاني وجنوني
أنا لا يمكن أن أعشق إلا بجنوني
فاقبليني هكذا أو فارفضيني

أنصتي لي
أتمنى مخلصا أن تنصتي لي
ما هناك امرأة دون بديل
فاتن وجهك .. لكن في الهوى
ليس تكفي فتنة الوجه الجميل
إفعلي ما شئت .. لكن حاذري
حاذري أن تقتلي في فضولي
تعبت كفاي ، يا سيدتي
وأنا أطرق باب المستحيل
فاعشقي كالناس .. أو لا تعشقي
إنني أرفض أنصاف الحلول

تناقضاتى الرائعة





1
وما بين حُبٍّ وحُبٍّ.. أُحبُّكِ أنتِ..
وما بين واحدةٍ ودَّعَتْني..
وواحدةٍ سوف تأتي..
أُفتِّشُ عنكِ هنا.. وهناكْ..
كأنَّ الزمانَ الوحيدَ زمانُكِ أنتِ..
كأنَّ جميعَ الوعود تصبُّ بعينيكِ أنتِ..
فكيف أُفسِّرُ هذا الشعورَ الذي يعتريني
صباحَ مساءْ..
وكيف تمرّينَ بالبالِ، مثل الحمامةِ..
حينَ أكونُ بحَضْرة أحلى النساءْ؟.
2
وما بينَ وعديْنِ.. وامرأتينِ..
وبينَ قطارٍ يجيء وآخرَ يمضي..
هنالكَ خمسُ دقائقَ..
أدعوك ِ فيها لفنجان شايٍ قُبيلَ السَفَرْ..
هنالكَ خمسُ دقائقْ..
بها أطمئنُّ عليكِ قليلا..
وأشكو إليكِ همومي قليلا..
وأشتُمُ فيها الزمانَ قليلا..
هنالكَ خمسُ دقائقْ..
بها تقلبينَ حياتي قليلا..
فماذا تسمّينَ هذا التشتُّتَ..
هذا التمزُّقَ..
هذا العذابَ الطويلا الطويلا..
وكيف تكونُ الخيانةُ حلاًّ؟
وكيف يكونُ النفاقُ جميلا؟...
3
وبين كلام الهوي في جميع اللّغاتْ
هناكَ كلامٌ يقالُ لأجلكِ أنتِ..
وشِعْرٌ.. سيربطه الدارسونَ بعصركِ أنتِ..
وما بين وقتِ النبيذ ووقتِ الكتابة.. يوجد وقتٌ
يكونُ به البحرُ ممتلئاً بالسنابلْ
وما بين نُقْطَة حِبْرٍ..
ونُقْطَة حِبْرٍ..
هنالكَ وقتٌ..
ننامُ معاً فيه، بين الفواصلْ..
4
وما بين فصل الخريف، وفصل الشتاءْ
هنالكَ فَصْلُ أُسَمِّيهِ فصلَ البكاءْ
تكون به النفسُ أقربَ من أيِّ وقتٍ مضى للسماءْ..
وفي اللحظات التي تتشابهُ فيها جميعُ النساءْ
كما تتشابهُ كلُّ الحروف على الآلة الكاتبهْ
وتصبحُ فيها ممارسةُ الجنسِ..
ضرباً سريعاً على الآلة الكاتبَهْ
وفي اللحظاتِ التي لا مواقفَ فيها..
ولا عشقَ، لا كرهَ، لا برقَ، لا رعدَ، لا شعرَ، لا نثرَ،
لا شيءَ فيها..
أُسافرْ خلفكِ، أدخلُ كلَّ المطاراتِ، أسألُ كلَّ الفنادق
عنكِ، فقد يتصادفُ أنَّكِ فيها...
5
وفي لحظاتِ القنوطِ، الهبوطِ، السقوطِ، الفراغ، الخِواءْ.
وفي لحظات انتحار الأماني، وموتِ الرجاءْ
وفي لحظات التناقضِ،
حين تصير الحبيباتُ، والحبُّ ضدّي..
وتصبحُ فيها القصائدُ ضدّي..
وتصبحُ – حتى النهودُ التي بايعتْني على العرش- ضدّي
وفي اللحظات التي أتسكَّعُ فيها على طُرُق الحزن وحدي..
أُفكِّر فيكِ لبضع ثوانٍ..
فتغدو حياتي حديقةَ وردِ..
6
وفي اللحظاتِ القليلةِ..
حين يفاجئني الشعرُ دونَ انتظارْ
وتصبحُ فيها الدقائقُ حُبْلى بألفِ انفجارْ
وتصبحُ فيها الكتابةُ فِعْلَ انتحارْ..
تطيرينَ مثل الفراشة بين الدفاتر والإصْبَعَيْنْْ
فكيف أقاتلُ خمسينَ عاماً على جبهتينْ؟
وكيفَ أبعثر لحمي على قارَّتين؟
وكيفَ أُجَاملُ غيركِ؟
كيفَ أجالسُ غيركِ؟
كيفَ أُضاجعُ غيركِ؟ كيفْ..
وأنتِ مسافرةٌ في عُرُوق اليدينْ...
7
وبين الجميلات من كل جنْسٍ ولونِ.
وبين مئات الوجوه التي أقنعتْني .. وما أقنعتْني
وما بين جرحٍ أُفتّشُ عنهُ، وجرحٍ يُفتّشُ عنِّي..
أفكّرُ في عصرك الذهبيِّ..
وعصرِ المانوليا، وعصرِ الشموع، وعصرِ البَخُورْ
وأحلم في عصرِكِ الكانَ أعظمَ كلّ العصورْ
فماذا تسمّينَ هذا الشعور؟
وكيفَ أفسِّرُ هذا الحُضُورَ الغيابَ، وهذا الغيابَ الحُضُورْ
وكيفَ أكونُ هنا.. وأكونً هناكْ؟
وكيف يريدونني أن أراهُمْ..
وليس على الأرض أنثى سواكْ
8
أُحبُّكِ.. حين أكونُ حبيبَ سواكِ..
وأشربُ نَخْبَكِ حين تصاحبني امرأةٌ للعشاءْ
ويعثر دوماً لساني..
فأهتُفُ باسمكِ حين أنادي عليها..
وأُشغِلُ نفسي خلال الطعامْ..
بدرس التشابه بين خطوط يديْكِ..
وبينَ خطوط يديها..
وأشعرُ أني أقومُ بِدَوْر المهرِجِ...
حين أُركّزُ شالَ الحرير على كتِفَيْها..
وأشعرُ أني أخونُ الحقيقةَ..
حين أقارنُ بين حنيني إليكِ، وبين حنيني إليها..
فماذا تسمّينَ هذا؟
ازدواجاً.. سقوطاً.. هروباً.. شذوذاً.. جنوناً..
وكيف أكونُ لديكِ؟
وأزعُمُ أنّي لديها..

الأربعاء، 21 أبريل 2010

قبل أن .. وبعد أن





1
قبل أن أحبّكِ..
كنتُ متصالحاً مع اللغَهْ
ألعبُ لها، بمهارة ساحرٍ محترفْ
وأحرِّك خيوطَها..
كما يحرِّك طفلٌ طيارةً من ورقْ
كنتُ أميرَ الطير.. وسيِّد المُغنّينْ
وكنتُ إذا سرتُ في الغابَهْ
تركض خلفي الأرانبْ..
وتتبعني الأشجارْ
وتكلمني الضفادعُ النهريّهْ
وتنزلُ النجومُ من شُرُفاتها
لتنامَ على كَتِفي..
قبل أن أحبّكِ..
كانت إقطاعاتي الأدبيَّهْ
لا تغيبُ عنها الشمسْ
ومملكتي الشعريَّهْ
تمتدُّ من الماء إلى الماءْ
ومن النساءِ.. إلى النساءْ
وكانت الشفةُ التي لا أكتب عنها
تتحوّلُ إلى وردةٍ من وَرَقْ..
وكان النهدُ الذي لا يبايعني
ملكاً مدى الحياهْ
يُعتبر نهداً أميّاً.. ورجْعياً
وتسقطُ عنه حقوقُه المدنيّهْ..
3
كان يختبئُ في حنجرتي عشُّ عصافيرْ
ويعزفُ في دمي
ألفُ تشايكوفسكي..
وألفُ رحمانينوفْ
وألفُ سيّد درويشْ
كانت الأبجديّةُ صديقتي
وكانت الثمانيةُ وعشرونَ حرفاً
تكفي لبوحي، واعترافاتي
وتتبعني كقطيعٍ من الغزلانْ
تأكُلُ العشبَ من يدي
وتشربُ الماءَ من يدي..
وتتعلَّمُ أصولَ الحبّ على يدي..
4
قبل أن أحبّكِ..
وأحلامي على قَدِّي
وحزني.. وفَرَحي.. وجنوني
على قَدِّي..
وحين جاء الحبّ الكبيرْ
بدأ المأزِقُ الكبيرْ
وتمزّقتْ خرائطُ اللغَهْ
وصارَ كلُّ ما أعرفه من كلامٍ جميلْ
لا يكفي لتغطية عَشْر دقائقَ من الحنينْ
عندما أدعوكِ للعشاءْ..
5
قبل أن تصبحي حبيبتي
كنتُ أضطجعُ على سرير اللغَهْ
أتغزّلُ بالكلمة التي أريدْ
وأتزوّجُ المُفْرَدَةَ التي أريدْ
لم يكنْ عندي مشكلةٌ مع اللغَهْ
كنتُ مسكوناً بالرنين كأرغُنِ كنيسَهْ
وكنتُ أهدل كالحمائمْ
وأصدح كطيور الكناري
وألبس اللغةَ في إصبعي
خاتماً من الزمرّد الأخضرْ..
6
بعد أن صرتِ حبيبتي
أضعتُ ذاكرتي اللغويّةَ نهائياً
ونسيتُ كيف تُهجَّى الحروف.. وكيف تُكْتَبْ..
إلا إسمَكِ..
ولم أعُدْ أتذكر من الأصوات..
إلا صوتَكِ...
ولا أتذكّر من موانئ البحر الأبيض المتوسّطْ
سوى عينيكِ المكتظتينِ..
بالحزنِ..
والكُحْلِ..
وطيورِ النَوْرَسْ...
7
بعدَ.. أن دخَلَ سيفُكِ في لحمي
ولحم ثقافتي
إكتشفتُ أن مساحةَ الفن تضيقْ
كلما اتَّسعتْ مساحةُ العشقْ
سقطتْ من التداولْ
كعملةٍ ورقية ليس لها تغطيَهْ
وأن جميعَ ما أعرفه من مفرداتْ
لا يكفي لتسديد ثمن فنجانيْ قهوَهْ
في أحد مقاهي فينيسيا.. أو كومو..
أو فيينا.. أو لوغانو..
أو بيروتْ..
8
يا التي تعتقلني في داخل قصائدي
وتتحكم بمفاتيح حنجرتي
ومقامات صوتي..
لم يعد يكفيني أن أقولَ (أُحبّكِ)
أريد أن أصل معكِ إلى مرحلة ما بَعْدَ اللغَهْ
وسُحَيْم..
وعُرْوَةِ بنِ الوردْ
والرمزيين، والبرناسيين، والسرياليينْ...
فيا سيّدتي، التي أخذت في حقيبتها اللغهْ..
وسافرتْ...
لماذا أطلقتِ الرصاصَ على فمي؟
وأرجعتنِي إلى مرحلة التَأْتأَهْ....
وسُحَيْم..
وعُرْوَةِ بنِ الوردْ
والرمزيين، والبرناسيين، والسرياليينْ...
فيا سيّدتي، التي أخذت في حقيبتها اللغهْ..
وسافرتْ...
لماذا أطلقتِ الرصاصَ على فمي؟
وأرجعتنِي إلى مرحلة التَأْتأَهْ....

الدخول الى هيروشيما





مُبلّلٌ.. مُبلّلٌ
قلبي ، كمنديل سَفَر
كطائرٍ..
ظلّ قروناً ضائعاً تحت المطرْ..
زجاجةٌ..
تدفعها الأمواجُ في بحر القَدَرْ
سفينةٌ مثقوبةٌ
تبحثُ عن خلاصِها،
تبحثُ عن شواطئٍ لا تُنْتَظرْ..
*
قلبيَ يا صديقتي!
مدينةٌ مغلقةٌ..
يخافُ أن يزورها ضوءُ القمَرْ
يضجرُ من ثيابه فيها الضجَرْ..
أعمدةٌ مكسورةٌ
أرصفةٌ مهجورةٌ
يغمرها الثلجُ وأوراقُ الشجَرْ..
قَبْلكِ يا صغيرتي..
جاءت إلى مدينتي
جحافلُ الفُرْسِ وأفواجُ التَتَار
وجاءها أكثرُ من مغامرٍ..
ثم انتحَرْ..
فحاذري أن تلمسي جدرانَها
وحاذري أن تقربي أوثانها
فكلّ من لامسَها..
صار حجرْ..
*
مدينتي..
مالكِ من مدينتي؟.
فليس في ساحاتِها..
سوى الذُباب والحُفَرْ..
وليس في حياتها
سوى رفيقٍ واحدٍ.
هو الضَجَرْ..

أكبر من كل الكلمات




سيدتي ! عندي في الدفتر
ترقص آلاف الكلمات
واحدة في ثوبٍ أصفر
واحدة في ثوبٍ أحمر
يحرق آلاف الصفحات
أنا لست وحيداً في الدنيا
عائلتي .. حزمة أبيات
أنا شاعر حبٍ جوال
تعرفه كل الشرفات
تعرفه كل الحلوات
عندي للحب تعابير
ما مرَّت في بال دواة
الشمس فتحتُ نوافذها
وتركت هنالك مرساتي
وقطعت بحاراً .. وبحاراً
أنبش أعماق الموجات
أبحث في جوف الصدفات
عن حرفٍ كالقمر الأخضر
أهديه لعيني مولاتي
سيدتي ! في هذا الدفتر
تجدين ألوف الكلمات
الأبيض منها .. والأحمر
الأزرق منها .. والأصفر
لكنكِ .. يا قمري الأخضر
أحلى من كل الكلمات
أكبر من كل الكلمات ..

الأحد، 18 أبريل 2010


لا أستطيع أن أحبك أكثر
لقد كتبت بالخط الكوفى
على أسوار الحمام
وأباريق النحاس
وقناديل السيدة زينب
وجوامع القاهرة القديمة
وقباب غرناطة
وعلى الصفحة الأولى
وأقفلت القوس
**********************************
أنتى عادة كتابية لا شفاء منها
عادة احتلال..وتملك..وسيطرة
عادة فتح..وفتك..
أنتى عادة فى لحم كلماتى
فأما أن تسافرى أنتى
وأما أن أسافر أنا
وأما أن تسافر الكتابة
جمـــــــــــــالك
يحرض ذاكرتى الثقافية
ويكهرب لغتى
وأصابعى
وجسد الورقة البيضاء
التى أكتب عليها
***********************************
جمـــــــــــــــــالك
يشعل القناديل فى غرفتى
وجوانب سريرى
ويربط أسلاك الرجولة
بينى وبين نون النسوة
فكيف أتحاشاكى يا حبيبتى
حتى القبح اذا أقترب منكى
يصبح جميلا
***************************************
أنتى اللغة التى
يتغير عدد أحرفها كل يوم
وتتغير جذورها
ومشتقاتها
وطريقة أعرابها
كل يوم
**************************************
أنتى الكتابة السرية
التى لا يعرفها
الا الراسخون فى العشق
انتى الكلام الذى يغير فى كل لحظة كلامه
****************************************
كل نهــــــــار
أتعلمك عن ظهر قلب..
أتعلم خرائط أنوثتك
وموسيقى يدك
وجميع أسمائك الحسنى
عن ظهر قلب
********************************************
كل صبـــــــــــــاح
أدرســــــــك
كما أدرس تفاصيل الوردة
ورقة ..ورقة
وأذاكرك كما أذاكر
قصيدة غزل قديمة
********************************************
أيتها المرأة المعجونة بأنوثتها
كفطيرة العسل
والمعجونة بكلامى
ودم شهواتى
يا امرأة الدهشة المستمرة
يا التى بدايتها تلغى نهايتها
وأولها يلغى أخرها
وشفتها السفلى
تأكل شفتها العليا
***************************
أيتها المرأة
التى تتركنى معلقا
بين الهاوية والهاوية
أيتها المرأة المأزق
أيتها المرأة الدراما
أيتها المرأة الجنون
بدأت الأن أخاف على نفسى من الجنون
لأنى ما زلت أهواكى بجنون

السبت، 17 أبريل 2010

مَنْ عَلَّمني حُبَّاً .. كُنْتُ له عَبْدَا


مَن علَّمني
كيفَ أُقَشِّرُ كالتُفَّاحةِ قلبي
حتَّى تأكُلَ منهُ نساءُ الأرضِ جميعاً
كنتُ له عَبْدَا...
2
مَنْ عَلَّمني
كيفَ أُؤسِّسُ وطناً
يُشْبِهُ شَكْلَ القلبِ ،
وشَكْلَ الشِرْيَانِ التاجيِّ ،
وشَكْلَ العُصْفُورِ الدُوريِّ ،
وشَكْلَ التُفَاحِ الشامِيِّ ،
لكنتُ لهُ أيضاً عَبْدَا ...
3
مَنْ عَلَّمني
كَيفَ أُحِبُّ امرأَةً حتَّى حَدِّ الهَذَيَانِ
مَنْ عَلَّمني
كيفَ بوُسْع امرأةٍ ـ دُونَ سِوَاها ـ
أَنْ تتحرَّكَ مثلَ السَمَكِ الأحمرِ داخلَ شِرْيَاني
مَنْ عَلَّمني
كيفَ بوُسْع امرأةٍ ـ دُونَ سِوَاها ـ
أَنْ تخترعَ الشِعْرَ
وتَرْسُمَ شَكْلَ الأَزْمَانِ ..
مَنْ عَلَّمني
كيفَ تصيرُ امرأَةٌ ـ دُونَ سِوَاها ـ
أَقوى نَوْعٍ من أنواعِ الإِدْمَانِ
مَنْ عَلَّمني ما لا أَعْلَمُ
كنتُ له دوماً عَبْدَا ..
4
مَنْ علَمني
أَوَّلَ دَرْسٍ في أحوالِ الوَجْدْ
مَنْ علَّمني
كيفَ أُواصِلُ عِشْقي
منذُ المَهْدِ .. وحتَّى اللَّحدْ ..
مَنْ عَلَّمني
أَنْ أَسْتَخْرِجَ ذَهَباً مِن أَوْدِيَة النَهْدْ
مِنْ عَلَّمني أَنَّ حبيبي
نَوعٌ من أَعشابِ البحرِ ،
وفَرْعٌ من عائلةِ الوَردْ
مَنْ سَمَّاني مَلِكاً في تاريخ العِشْقِ ،
فقد أعطاني كلَّ المجدْ
مَنْ ثَقَّفني ..
مَنْ شَرَّفَني بهوى امرأةٍ
كنتُ لهُ دوماً عَبْدَا ...
5
مَنْ علَّمني
كيفَ أقولُ كلاماً يُشْبِهُ رائحةَ الحِنْطَهْ
أو يُشْبِهُ لونَ الخُبْز الطالعِ من عند الفَرَّانْ
مَنْ علَّمني
أَنْ أَتزَوَّج هذا الشَعْبَ ،
وأَرفُضَ أَيَّ زواجٍ بالسُلْطَهْ
وعُقُودَ اللُؤلُؤِ والمَرْجَانْ ..
مَن عَلَّمني
كيفَ أُواجهُ بالأزهارِ ، وبِالأَشعارِ ،
هَرَواتِ الشُرْطَهْ
مَنْ عَلَّمني
أَنْ لا أعملَ سائسَ خيلٍ عند الوالي
أو جاريةً ترقُصُ في حَفَلات (البابِ العالي)
مَنْ علَّمني
أَنْ لا أحنيَ قامةَ شِعْري
كنتُ لهُ دوماً عَبْدَا ..
6
مَنْ علَّمني
كيفَ أُغَيِّرُ .. كيفَ أُدَمِّرُ ..
كيفَ أُكَنِّسُ هذا القُبْحَ ،
وأَزْرَعُ في الأرض الرَيْحَانْ
مَنْ علَّمني
كيفَ سأُنْقِذُ هذا المركبَ ،
من أَنواءِ البَحْرِ ،
وأسنانِ الجُرْذَانْ
من أعطاني عُودَ ثِقَابٍ
حتَّى أُحرقَ كلَّ أكاذيبِ التاريخ ،
لكنتُ لهُ دوماً عَبْدَا ..
7
مَنْ عَلَّمني
أَنْ أَنْقضَّ على الأَشياءِ
وأَرْفعَ راياتِ العِصْيَانْ
مَنْ علَّمني
كيفَ أُسافرُ ضدَّ الموجِ .. وضدَّ الريحِ ..
وأُشعلُ في البحر النيرانْ
مَنْ عَلَّمني
كيفَ تكونُ الكِلْمةُ سَيْفاً
في وجهِ السُلْطانْ
من أهداني سِفْرَ الثورةِ ،
كنتُ له دوماً عَبْدَا ..
8
مَنْ علَّمني
كيفَ أَموتُ على أوراقي
حتَّى ينتصرَ الإِنسانْ .
مَن علَّمني
كيفَ أُكَوِّرُ قلبي مثلَ رغيفِ الخبز ،
لكي أُطعِمَهُ للإِنسانْ .
مَنْ علَّمني
كيفَ أُزيلُ الكِلْفَةَ بين كِتَابِ الشِعْرِ ،
وأفواهِ الفُقَراءْ
مَنْ علَّمني
كيفَ أكُونُ بسيطاً
مثلَ العُشْبِ ،
ومثلَ الماءْ ..
مَنْ علَّمني
أَنْ أَستعملَ لغةً
فيها نَزَواتُ الأَطفالِ ..
وفيها إحسَاسُ البُسَطَاءْ ..
مَنْ علَّمني
أَنَّ الشِعْرَ ، رسالةُ حُبٍّ نكتُبُها للناسِ ،
وليسَ هنالكَ شِعْرٌ لا يتوجَّهُ للإنسانْ .
من علَّمني هذي الحِكْمَة في تعريفِ الشِعْرِ ..
لكنتُ لهُ دوماً عَبْدَا ...

الجمعة، 16 أبريل 2010

رسالة حب من 29 - 50





(29)
عندما أسمعُ الرجال..
يتحدّثون عنكِ بحماسة
وأسمع النساء..
يتحدّثن عنكِ بعصبيَّة..
أعرفُ..
كم أنتِ جميلة..
(30)
كنتُ أعرفُ دائماً..
أنّكِ فُلّة..
ولكنّني عندما رأيتُكِ بثياب البحر.
أدركتُ ..
أنّك شجرةُ فُلّْ..
(31)
صداقةُ يَدَيْنَا..
أقوى من صداقتي معك..
وأصفى .. وأعمقْ..
فحين كنَّا نختصمُ .. ونغضبْ..
ونرفعُ قبضاتنا في الهواءْ..
كانت يدانا تلتصقان.. وتتعانقان..
وتتغامزان.. على غبائنا...
(32)
طالت أظافرُ حبّنا كثيراً..
علينا..
أن نقصَّ له أظافرَهْ
وإلا ذبحكِ..
وذبحني..
(33)
كلّما قبَلتُكِ..
بعد طول افتراق..
أشعر أنني..
أضعُ رسالةَ حبٍّ مستعجلة
في علبة بريد حمراء..
(34)
رسائلي إليكِ..
ليستْ مقاعد من القطيفة
تستريحين عليها..
إنّني لا أكتب إليكِ .. كي تستريحي
إنني أكتب إليكِ..
كي تحتضري معي..
وتموتي معي..
(35)
يندفع حبِّي نحوكِ..
كحصانٍ أبيض..
يرفضُ سرجَه وفارسَه
لو كنتِ يا سيّدتي
تعرفينَ أشواقَ الخيول
لملأتِ فمي..
لوزاً .. وكرزاً..
وفستقاً أخضر..
(36)
عندما تذهبين إلى الجَبَل
تصبحُ بيروت قارةً غيرَ مسكونة..
تصبحُ أرملة..
أنا ضدَّ الاصطياف كلّه
ضد كلّ ما يأخذك
بعيداً عن صدري..
(37)
كلُّ رجل سيُقبِّلُكِ بعدي..
سيكتشف فوق فمك
عريشةً صغيرةً من العنب
زرعتُها أنا...
(38)
إبتعدي قليلاً عن حدقتيْ عينيّ
حتى أُميِّزَ بين الألوان
إنهضي عن أصابعي الخمسة
حتى أعرف حجمَ الكون..
وأقتنع..
أن الأرض كُرويَّة..
(39)
كان المطرُ ينزل علينا معاً..
فتنمو ألوفُ الحشائش
على معطفينا.
بعد رحيلك..
صار المطر يسقط عليَّ وحدي..
فلا ينبت شيء..
على معطفي..
(40)
أتكوَّم..
على رمال نهديكِ.. مُتْعبَاً
كطفلٍ لم ينم منذ يوم ولادته
(41)
آهِ.. لو تتحرّرينَ يوماً..
من غريزة الأرانب..
وتعرفين..
أنني لستُ صيّادَكِ
لكنني حبيبُكِ..
(42)
خطر لي ذاتَ يوم..
أن أخطفكِ على طريقة الشراكسة..
وأتزوّجَكِ..
تحت طَلَقات الرصاصْ..
والتماع الخناجرْ..
لكنّكِ قتلت حصاني
وهو يَلحس الشمعَ عن أصابع قدميك
وقتلتِ معه..
أجملَ لحظة شعر.. في حياتك.
(43)
عندما تزورينني..
بثوبٍ جديدْ..
أشعر بما يشعر به البستانيّ
حين تُزهر لديه شجرة..
(44)
عيناكِ..
حفلةُ ألعاب ناريّة
أتفرّج عليها مرةً .. كلَّ سنة.
وأظلّ طَوَالَ العام..
أُطفيء الحرائق المشتعلة..
في جلدي..
وفي ثيابي..
(45)
أريد أن أركب معكِ
ولو لمرةٍ واحدة..
قطارَ الجنون..
قطاراً ينسى أرصفتَه،
وقضبانَهُ ، وأسماءَ مسافريه..
أريد أن تلبسي..
ولو لمرة واحدة...
معطفَ المطر..
وتقابليني في محطّة الجنون..
(46)
شكراً .. على الدفاتر الملوّنة
التي أهديتها إليّ.
لا شيء يفتح شهيتي في الدنيا
أكثر من ورق الدفاتر الملوّنة
أنا كالثور الإسباني..
يطيب لي أن أموت..
على أية ورقة ملوّنة
ترتعش أمامي..
فهل كنتِ تعرفين يوم أهديتني دفاترك
نَزَواتي الإسبانية؟
(47)
كلّما سافرتِ..
طالبني عطرُكِ بكِ
كما يطالب الطفل بعودة أمّه..
تصوّري..
حتّى العطور..
حتّى العطورْْ..
تعرفُ الغربةَ..
وتعرف النفيْ..
(48)
هل فكّرتِ يوماً .. إلى أينْ؟
المراكبُ تعرف إلى أينْ..
والأسماكُ تعرف إلى أينْ..
وأسرابُ السنونو تعرف إلى أينْ..
إلا نحن..
نحن نتخبَّط في الماء ولا نغرفْ..
ونلبس ثيابَ السفر ولا نسافرْ
ونكتب المكاتيبَ ، ولا نرسلها..
ونحجز تذكرتينْ..
على كلّ الطائرات المسافرة..
ونبقى في المطار.
أنتِ ، وأنا ، أجبنُ مسافريْنْ
عرفَهما العصرْ..
(49)
مزّقتُ ، يومَ عرفتُكِ ،
كلَّ خرائطي .. ونُبُوءاتي.
وصرتُ كالخيول العربية
أشمُّ رائحةَ أَمطاركِ ، قبل أن تبلّلني
وأسمعُ إيقاعَ صوتك
قبل أن تتكلَّمي..
وأفكُّ ضفائرَك .. بيدي
قبل أن تضفريها..
(50)
إغلقي جميعَ كُتُبي
واقرأي خطوطَ يدي
أو خطوطَ وجهي..
إنني أتطلّع إليك بانبهار طفل
أمامَ شجرةِ عيد الميلادْ..

رسالة حب من 21 الى 29



(21)
وَعَدتُكِ..
أن أبقى محتفظاً بوقاري
كلّما ذكروا اسمكِ أمامي
أرجوكِ . أن تحرّريني من وعدي القديم.
لأنّني كلّما سمعتُهم..
يتلفّظون باسمك..
أبذُلُ جهدَ الأنبياء..
حتى لا أصرخ..
(22)
أتغرغرُ بذكرياتك الصغيرة الملوَّنة
كما يتغرغر عصفورٌ بأغنية..
كما تتغرغر نافورةُ بيتٍ أندلسي
بمياهها الزرقاءْ...
(23)
فكّرتُ أن أستولدكِ طفلاً..
يأتي.. وفي فمه قصيدة.
فكّرتُ أن استولدكِ قصيدة..
فكّرتُ..
في ليالي الشتاء الطويلة
أن أعتدي على جميع الشرائع
وأزرعَ في رحمك عصفوراً..
يحفظ سلالةَ العصافير..
فكّرتُ ..
في ساعات الهّذَيان واحتراق الأعصابْ..
أن أستنبت في أحشائكِ
غابةَ أطفال..
يحفظون تقاليدَ الأُسرة
في كتابة الشعر
ومغازلةِ النساءْ..
(24)
من أيّ جنسٍ أنتِ يا امرأة؟
من قبَّعة أيّ ساحرٍ خرجتِ؟
مَنْ يدّعي أنه سرق مكتوباً واحداً
من مكاتيب حبّك .. يكذبْ
مَنْ يدّعي أنه سرق إسوارةَ ذهبٍ صغيرة
من خزانتك يكذبْ..
مَنْ يدّعي أنّه سرق مشطاً واحداً
من أمشاط العاج التي تتمشّطين بها..
يكذبْ..
مَنْ يدّعي..
أنه اصطاد سمكةً واحدة..
من بحار عينيك.. يكذبْ.
من يدّعي أنه اكتشف..
نوعَ العطر الذي تستعملينه
وعنوانَ الرجل الذي تكاتبينه..
يكذبْ..
من يدّعي .. أنه اصطحبكِ
إلى أيّ فندق من فنادق العالم
أو دعاكِ إلى أيّ مسرح من مسارح المدينة
أو اشترى لكَِ طوقاً من الياسمين..
يكذبْ .. يكذبْ .. يكذبْ ..
فأنتِ متحفٌ مُغْلَقْ..
يومَ السبت، ويوم الأحدْ..
يومَ الثلاثاء ، ويوم الأربعاءْ
وفي كلّ أيّام الأسبوع
متحفٌ مغلقْ..
في وُجُوه جميع الرجالْ
طَوَالَ أيّام السنة...
(25)
رسائلي إليكِ..
تتخطّاني.. وتتخطّاكِ..
لأن الضوءَ أهمُّ من المصباحْ
والقصيدةَ أهمُّ من الدفترْ
والقبلةَ أهمُّ من الشفة..
رسائلي إليكِ..
أهمُّ منكِ .. وأهمُّ منّي
إنّها الوثائق الوحيدة..
التي سيكتشفُ فيها الناس
جمالكِ..
وجُنوني..
(26)
لن أكونَ آخر رجلٍ في حياتكِ.
ولكنني آخرُ قصيدة
مكتوبةٍ بماء الذهبْ
تُعلَق على جدار نهديْكِ
وآخرُ نبيّ
أقنع الناسَ بوجود جنّة ثانية
وراء أهداب عينيكِ.
(27)
بيني وبينك..
اثنتان وعشرون سنةً من العُمْرْ..
وبين فمي وفمك..
حين يلتصقان..
تنسحق السَنَوات..
وينكسر زجاجُ العمرْ..
(28)
في أيّام الصيف..
أَتمدّد على رمال الشاطئ
وأمارس هوايةَ التفكير بكِ..
لو أنّني أقول للبحر..
ما أشعر به نحوكِ
لترك شواطئَه..
وأصدافَه..
وأسماكَه..
وتبعني...

الحسناء والدفتر




قالت : أتسمح أن تزين دفتري
.. بعبارةٍ أو بيت شعرٍ واحد
بيت ٍ أخبئه بليل ضفائري
و أريحه كالطفل فوق و سائدي
قل ما تشاء فإن شعرك شاعري
أغلى و أروع من جميع قلائدي
ذات المفكرة الصغيرة .. أعذري
ما عاد ماردك القديم بمارد
من أين ؟ أحلى القارئات أتيتني
.. أنا لست أكثر من سراج خامد
أشعاري الأولى .. أنا أحرقتها
ورميت كل مزاهري وموائدي
أنت الربيع .. بدفئه و شموسه
. ماذا سأصنع بالربيع العائد ؟
لا تبحثي عني خلال كتابتي
شتان ما بيني وبين قصائدي
أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ
و أعمر الدنيا ببيتٍ شارد
بيدي صنعت جمال كل جميلةٍ
و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد
أشعلت في حطب النجوم حرائقاً
وأنا أمامك كالجدار البارد
كتبي التي أحببتها و قرأتها
ليست سوى ورقٍ .. وحبرٍ جامد
لا تُخدعي ببروقها ورعودها
فالنار ميتةٌ بجوف مواقدي
سيفي أنا خشبٌ .. فلا تتعجبي
إن لم يضمك ، يا جميلة ، ساعدي
إني أحارب بالحروف و بالرؤى
ومن الدخان صنعت كل مشاهدي
شيدت للحب الأنيق معابداً
.. وسقطت مقتولاً .. أمام معابدي
.. قزحية العينين .. تلك حقيقتي
هل بعد هذا تقرأين قصائدي ؟

المهرولون




(1)
سقطت آخر جدران الحياء
وفرحنا..
ورقصنا..
وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء
لم يعد يرعبنا شىء
ولا يخجلنا شىء
فقد يبست فينا عروق الكبرياء..
(2)
سقطت..
للمرة الخمسين .. عذريتنا
دون أن نهتز.. أو نصرخ
أو يرعبنا مرأى الدماء
ودخلنا فى زمان الهرولة
ووقفنا بالطوابير كأغنام أمام المقصلة
وركضنا .. ولهثنا..
وتسابقنا لتقبيل حذاء .. القتلة
(3)
جوعوا أطفالنا خمسين عاما
ورموا فى آخر الصوم الينا
بصلة...
(4)
سقطت غرناطة
للمرة الخمسين .. من أيدى العرب
سقط التاريخ من أيدى العرب
سقطت أعمدة الروح وأفخاذ القبيلة
سقطت كل مواويل البطولة
سقطت أشبيليا..
سقطت انطاكية
سقطت حطين من غير قتال
سقطت عمورية
سقطت مريم فى أيدى الميليشيات
فما من رجل ينقذ الرمز السماوى
ولا ثم رجولة....
(5)
سقطت آخر محظياتنا
فى يد الروم، فعن ماذا ندافع؟
لم يعد فى قصرنا جارية واحدة
تصنع القهوة .. والجنس
فعن ماذا ندافع ؟؟
(6)
لم يعد فى يدنا..
أندلس واحدة نملكها
سرقوا الأبواب
والحيطان
الوجات .. والأولاد..
والزيتون والزيت
وأحجار الشوارع
سرقوا عيسى بن مريم
وهو مازال رضيعا
سرقوا ذاكرة الليمون
والمشمش.. والنعناع منا
وقناديل الجوامع...
(7)
تركوا علبة سردين بأيدينا
تسمى (غزة)...
عظمة يابسة تدعى (أريحا)..
فندقا يدعى فلسطين
بلا سقف ولا أعمدة
تركونا جسدا دون عظام
ويدا دون أصابع
(8)
لم يعد ثمة أطلال لكى نبكى عليها
كيف .. تبكى أمة
أخذوا منها المدامع ؟؟
(9)
بعد هذا الغزل السرى فى أوسلو
خرجنا عاقرين
وهبونا وطنا أصغر من حبة قمح
وطنا نبلعه من غير ماء
كحبوب الأسبرين !!...
(10)
بعد خمسين سنة
نجلس الآن على الأرض الخراب
ما لنا مأوى .. كآلاف الكلاب !!
(11)
بعد خمسين سنةى..
ما وجدنا وطنا نسكنه
الا السراب.
ليس صلحا..
ذلك الصلح الذى أدخل كالخنجر فينا..
انه فعل اغتصاب !!...
(12)
ما تفيد الهرولة؟
ما تفيد الهرولة؟
عندما يبقى ضمير الشعب حيا
كفتيل قنبلة
(13)
كم حلمنا بسلام أخضر
وهلال أبيض
وبحر أزرق
وقلوع مرسلة
ووجدنا فجأة أنفسنا فى مزبلة!!
(14)
من ترى يسألهم
عن سلام الجبناء ؟؟
لا سلام الأقويا القادرين
من ترى يسألهم ؟
عن سلام البيع بالتقسيط
والتأجير بالتقسيط
والصفقات...
والتجار.. والمستثمرين؟
من ترى يسألهم؟
عن سلام الميتين..
أسكتوا الشارع
واغتالوا جميع الأسئلة..
وجميع السائلين...
(15)
وتزوجنا بلا حب
من الأنثى التى ذات يوم أكلت أولادنا
مضغت أكبادنا..
وأخذناها الى شهر العسل..
وسكرنا ... ورقصنا..
واستعدنا كل ما نحفظ من شعر الغزل
ثم أنجبنا - لسوء الحظ - أولادا معاقين
لهم شكل الضفادع
وتشردنا على أرصفة الحزن
فلا من بلد نحضنه
أو من ولد !!
(16)
لم يكن فى العرس رقص عربى
أو طعام عربى
أو غناء عربى
أو حياء عربى
فلقد غاب عن الزفة أولاد البلد.
لن تساوى كل توقيعات أوسلوا خردلة!!..
(17)
كان نصف المهر بالدولار
كان الخاتم الماسى بالدولار
كانت أجرة المأذون بالدولار
والكعكة كانت هبة من أمريكا..
وغطاء العرس والأزهار والشمع
وموسيقى المارينز...
كلها قد صنعت فى أمريكا ...
(18)
وانتهى العرس... ولم تحضر فلسطين الفرح
بل رأت صورتها مبثوثة عبر كل الأقنية
ورأت دمعتها تعبر أمواج المحيط..
نحو شيكاغو .. وجيرسى .. وميامى..
وهى مثل الطائر المذبوح تصرخ:
ليس هذا العرس عرسى..
ليس هذا الثوب ثوبى..
ليس هذا العار عارى..
أبدا... يا أمريكا...
أبدا ... يا أمريكا ...
أبدا ... يا أمريكا ...

الخميس، 15 أبريل 2010

حبٌّ.. تحت الصفرْ




1
هو البحرُ.. يفصل بيني وبينَكِ..
والموجُ، والريحُ، والزمهريرْ.
هو الشِعْرُ.. يفصل بيني وبينكِ..
فانتبهي للسقوط الكبيرْ..
هو القَهْرُ.. يفصل بيني وبينكِ..
فالحبُّ يرفُضُ هذي العلاقَةَ
بين المرابي.. وبين الأجيرْ..
أحبُّكِ..
هذا احتمالٌ ضعيفٌ.. ضعيفْ
فكلُّ الكلام به مثلُ هذا الكلام السخيفْ
أحبُّكِ.. كنتُ أحبُّكِ.. ثم كرهتُكِ..
ثم عبدتُكِ.. ثم لعنتُكِ..
ثم كَتبتُكِ.. ثم محوتُكِ..
ثم لصقتُكِ.. ثم كسرتُكِ..
ثم صنعتُكِ.. ثم هدمتُكِ..
ثمَّ اعتبرتُكِ شمسَ الشموسِ.. وغيّرتُ رأيي.
فلا تعجبي لاختلاف فصولي
فكل الحدائقِ، فيها الربيعُ، وفيها الخريفْ..
هو الثلجُ بيني وبينكِ..
ماذا سنفعلُ؟
إنَّ الشتاءَ طويلٌ طويلْ
هو الشكُّ يقطعُ كلَّ الجُسُورِ
ويُقْفِلُ كلّ الدروبِ،
ويُغْرِقُ كلَّ النخيلْ
أحبّكِ!.
يا ليتني أستطيعُ استعادةَ
هذا الكلام الجميلْ.
أُحبُّكِ..
أين تُرى تذهبُ الكَلِماتْ؟
وكيف تجفُّ المشاعرُ والقُبُلاتْ
فما كان يمكنني قبل عامَيْنِ
أصبح ضرباً من المستحيلْ
وما كنتُ أكتبُهُ – تحت وهج الحرائقِ –
أصبحَ ضرباً من المستحيلْ..
3
إن الضبابَ كثيفٌ
وأنتِ أمامي.. ولستِ أمامي
ففي أي زاويةٍ يا تُرى تجلسينْ؟
أحاولُ لَمْسك من دون جدوى
فلا شفتاكِ يقينٌ.. ولا شفتايَ يقينْ
يداكِ جليديّتانِ.. زجاجيّتان.. محنّطتانِ..
وأوراقُ أيلولَ تسقُط ذاتَ الشمال وذاتَ اليمينْ
ووجهُكِ يسقط في البحر شيئاً فشيئاً
كنصف هلالٍ حزينْ..
4
تموتُ القصيدةُ من شدَّة البَرْدِ..
من قِلّة الفحم والزيْتِ..
تيبَسُ في القلب كلُّ زهور الحنينْ
فكيف سأقرأ شعري عليكِ؟
وأنتِ تنامينَ تحت غطاءٍ من الثلجِ..
لا تقرأينَ.. ولا تسمعينْ..
وكيف سأتلو صلاتي؟
إذا كنتِ بالشعر لا تؤمنينْ..
وكيف أقدّمُ للكلمات اعتذاري؟
وكيف أُدافعُ عن زمن الياسمينْ؟
5
جبالٌ من الملح.. تفصل بيني وبينكِ..
كيف سأكسر هذا الجليدْ؟
وبين سريرٍ يريدُ اعتقالي..
وبين ضفيرة شعرٍ تكبِّلني بالحديدْ؟
6
أحبُّكِ.. كنت أُحبُّكِ حتى التَنَاثُرِ.. حتى التبعثُرْ..
حتى التبخّرِ.. حتى اقتحامِ الكواكبِ، حتى
ارتكابِ القصيدة،
أُحبُّكِ.. كنتُ قديماً أحبّكِ..
لكنَّ عينيكِ لا تأتيانِ بأيِّ كلامٍ جديدْ
أُحبُّكِ.. يا ليتني أستطيع الدخولَ لوقت البنفسج،
لكنَّ فصلَ الربيع بعيدْ..
ويا ليتني أستطيع الدخولَ لوقت القصيدة،
لكنَّ فصلَ الجنون انتهى من زمانٍ بعيد.
لكنَّ عينيكِ لا تأتيانِ بأيِّ كلامٍ جديدْ
أُحبُّكِ.. يا ليتني أستطيع الدخولَ لوقت البنفسج،
لكنَّ فصلَ الربيع بعيدْ..
ويا ليتني أستطيع الدخولَ لوقت القصيدة،
لكنَّ فصلَ الجنون انتهى من زمانٍ بعيد.

السيرة الذاتية لسياف عربى


أيّها الناسُ :

لقد أصبحتُ سُلطاناً عليكمْ

فاكسروا أصنامكم بعدَ ضلالٍ ،

واعبدوني ..

إنّني لا أتجلّى دائماً

فاجلسوا فوقَ رصيفِ الصبرِ ،

حتّى تبصروني .

أتركوا أطفالكم من غيرِ خُبزٍ ..

واتركوا نِسوانَكم من غيرِ بعلٍ

واتبعوني ..

إحمدوا اللهَ على نعمتهِ

فلقد أرسلني كي أكتبَ التاريخَ ،

والتاريخُ لا يُكتَبُ دوني .

إنّني يوسفُ في الحُسنِ ،

ولم يخلقِ الخالقُ شعراً ذهبيّاً مثلَ شعري

وجبيناً نبويّاً كجبيني ..

وعيوني ..

غابةٌ من شجرِ الزيتونِ واللّوزِ ،

فصلّوا دائماً .. كي يحفظَ اللهُ عيوني .

أيّها الناسُ :

أنا مجنونُ ليلى

فابعثوا زوجاتكم يحملنَ منّي

وابعثوا أزواجَكم كي يشكروني ..

شرفٌ أن تأكلوا حنطةَ جسمي

شرفٌ أن تقطفوا لَوزي .. وتيني

شرفٌ أن تشبهوني ..

فأنا حادثةٌ ما حدثتْ

منذُ آلافِ القرونِ ..



2

أيّها الناسُ :

أنا الأوّلُ ، والأعدَلُ ،

والأجملُ ، من بينِ جميعِ الحاكمينْ

وأنا بدرُ الدُجى ، وبياضُ الياسمينْ

وأنا مخترعُ المشنقةِ الأولى ..

وخيرُ المرسلينْ

كلّما فكّرتُ أن أعتزلَ السُّلطةَ ،

ينهاني ضميري ..

مَن تُرى يحكمُ بعدي هؤلاءِ الطيّبينْ ؟

مَن سيشفي بعديَ ..

الأعرجَ ..

والأبرصَ ..

والأعمى ..

ومَن يحيي عظامَ الميّتينْ ؟

مَن تُرى يخرِجُ من معطفهِ

ضوءَ القمرْ ؟

مَن يا تُرى يرسلُ للناسِ المطرْ ؟

مَن يا تُرى ؟

يجلدهم تسعينَ جلدهْ ..

من يا تُرى ؟

يصلبُهم فوقَ الشجرْ ..

مَن تُرى يرغمُهم

أن يعيشوا كالبقرْ ؟

ويموتوا كالبقرْ ؟

كلّما فكّرتُ أن أتركَهم

فاضتْ دموعي كغمامهْ

وتوكّلتُ على اللهِ ..

وقرّرتُ بأن أركبَ الشعبَ ..

من الآنَ .. إلى يومِ القيامهْ ..



3

أيّها الناسُ :

أنا أملكُكمْ

مثلما أملكُ خيلي .. وعبيدي ..

وأنا أمشي عليكم

مثلما أمشي على سجّادِ قصري ..

فاسجدوا لي في قيامي

واسجدوا لي في قعودي

أوَلمْ أعثرْ عليكم ذاتَ يومٍ

بينَ أوراقِ جدودي ؟

حاذروا أن تقرأوا أيَّ كتابٍ

فأنا أقرأُ عنكمْ ..

حاذروا أن تكتبوا أيَّ خطابٍ

فأنا أكتبُ عنكمْ ..

حاذروا أن تسمعوا فيروزَ بالسرِّ

فإنّي بنواياكمْ عليمْ

حاذروا أن تُنشدوا الشعرَ أمامي

فهو شيطانٌ رجيمْ

حاذروا أن تدخلوا القبرَ بلا أذني ،

فهذا عندَنا إثم عظيمْ

والزَموا الصمتَ إذا كلّمتُكمْ

فكلامي هوَ قرآنٌ كريمْ ..



4

أيّها الناسُ :

أنا مَهديكم ، فانتظروني !

ودمي ينبضُ في قلبِ الدوالي ..

فاشربوني .

أوقفوا كلَّ الأناشيدِ التي ينشدُها الأطفالُ

في حبِّ الوطنْ

فأنا صرتُ الوطنْ ...

إنّني الواحدُ ..

والخالدُ .. ما بينَ جميعِ الكائناتِ

وأنا المخزونُ في ذاكرةَ التفّاحٍ ،

والنايِ ، وزُرقِ الأغنياتِ

إرفعوا فوقَ الميادينِ تصاويري

وغطّوني بغيمِ الكلماتِ ..

واخطبوا لي أصغرَ الزوجاتِ سنّاً ..

فأنا لستُ أشيخْ ..

جسدي ليسَ يشيخْ ..

وسجوني لا تشيخْ ..

وجهازُ القمعِ في مملكتي ليسَ يشيخْ ..



أيّها الناسُ :

أنا الحجّاجُ ، إن أنزعْ قناعي ، تعرفوني

وأنا جنكيزُخانٍ جئتُكمْ ..

بحرابي ..

وكلابي ..

وسجوني ..

لا تضيقوا - أيّها الناسُ - ببطشي

فأنا أقتلُ كي لا تقتلوني ..

وأنا أشنقُ كي لا تشنقوني ..

وأنا أدفنكم في ذلك القبرِ الجماعيِّ

لكيلا تدفنوني ..



5

أيّها الناسُ :

اشتروا لي صحفاً تكتبُ عنّي ..

إنها معروضةٌ مثلَ البغايا في الشوارعْ

إشتروا لي ..

ورقاً أخضرَ مصقولاً كأعشابِ الربيعْ

ومِداداً .. ومطابعْ ..

كلُّ شيءٍ يُشترى في عصرنا

حتّى الأصابعْ ..



إشتروا فاكهةَ الفكرِ ..

وخلّوها أمامي .

واطبخوا لي شاعراً

واجعلوهُ ، بينَ أطباقِ طعامي ..

أنا أمّيٌّ ..

وعندي عقدةٌ مما يقولهُ الشعراءْ

فاشتروا لي شعراءً يتغزّلونَ بحُسني ..

واجعلوني نجمَ كلِّ الأغلفهْ

فنجومُ الرقصِ والمسرحِ ،

ليسوا أبداً أجملَ منّي ..



إشتروا لي كلَّ ما لا يُشترى

في أرضنا أو في السّماءْ

إشتروا لي ..

غابةً من عسلِ النحلِ ..

ورطلاً من نساءْ ..

فأنا بالعملةِ الصعبةِ أشْري ما أريدْ

أشتري ديوانَ بشّارِ بنَ بُردٍ

وشفاهَ المتنبّي ..

وأناشيدَ لَبيدْ ..

فالملايينُ التي في بيتِ مالِ المسلمينْ

هيَ ميراثٌ قديمٌ لأبي

فخُذوا من ذهبي

واكتبوا في أمّهاتِ الكتبِ

أن عصري ..

عصرُ هارون الرشيدْ ...



6

يا جماهيرَ بلادي :

يا جماهيرَ الشعوبِ العربيّهْ

إنّني روحٌ نقيٌّ .. جاءَ كي يغسلكمْ من غبارِ الجاهليّهْ

سجّلوا صوتي على أشرطةٍ ..

إنَّ صوتي أخضرُ الإيقاعِ كالنافورةِ الأندلسيّهْ

صوِّروني .. باسماً مثلَ (الجوكوندا)

ووديعاً مثلَ وجهِ المجدليّهْ ..

صوّروني ..

بوقاري ، وجلالي ، وعصايَ العسكريّهْ

صوّروني ..

وأنا أقطعُ - كالتفّاحِ - أعناقَ الرعيّهْ ..

صوّروني

وأنا أصطادُ وعلاً .. أو غزالاً

صوّروني ..

وأنا أفترسُ الشِّعرَ بأسناني

وأمتصُّ دماءَ الأبجديّهْ

صوّروني ..

عندما أحملُكم فوقَ أكتافي لدارِ الأبديّهْ !

يا جماهيرَ بلادي ..

يا جماهيرَ الشعوبِ العربيّهْ ..



7

أيّها الناسُ :

أنا المسؤولُ عن أحلامكمْ ، إذ تحلُمونْ

وأنا المسؤولُ عن كلِّ رغيفٍ تأكلونْ

وعن الشّعرِ الذي

- من خلفِ ظهري - تقرأونْ

فجهازُ الأمنِ في قصري

يوافيني بأخبارِ العصافيرِ ..

وأخبارِ السنابلْ

ويوافيني بما يحدثُ في بطنِ الحواملْ !



8

أيّها الناسُ :

أنا سجّانُكم ، وأنا مسجونُكم ..

فلتعذروني

إنّني المنفيُّ في داخلِ قصري

لا أرى شمساً .. ولا نجماً ..

ولا زهرةَ دِفلى ..

منذ أن جئتُ إلى السُّلطةِ طِفلا

ورجالُ السّيركِ يلتفّونَ حولي

واحدٌ ينفخُ ناياً ..

واحدٌ يضربُ طبلا ..

واحدٌ يمسحُ جوخاً ..

واحدٌ يسمحُ نعلا ..

منذُ أن جئتُ إلى السّلطةِ طفلا ..

لم يقلْ لي مستشارُ القصرِ : (كلاّ)

لم يقلْ لي وزرائي أبداً لفظةَ (كلاّ)

لم يقلْ لي سفرائي أبداً في الوجهِ (كلاّ)

إنّهم قد علّموني أن أرى نفسي إلهاً ..

وأرى الشعبَ من الشرفةِ رملا ..

فاعذروني .. إن تحوّلتُ لهولاكو جديدٍ

أنا لم أقتلْ لوجهِ القتلِ يوماً ..

إنّما أقتلُكم .. كي أتسلّى

الرسائل المحترقة



حقاً رسالاتي إليك تمزقت
وهن حبيباتي .. وهن روائعي
أأنكر ما فيهن ؟ لا يا صديقتي
عليهن أسلوبي .. عليهن طابعي
عليهن أحداقي ، وزرقة أعيني
وروعة أسحاري وسحر مطالعي
حروفي .. سفيراتي .. مرايا خواطري
وأطيب طيب في زوايا المخادع
وأجمل ما غنيت .. ما طرزت يد
وأكرم ما أعطت أنامل صانع
بأعصاب أعصابي .. رسمت حروفها
وأطعمتها من صحتي ، من مدامعي
وأنفقت أيامي .. أصوغ سطورها
بدقة مثال ، وأشواق راكع
أجيبي .. أجيبي .. ما مصير رسائلي
فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..
ألم تترك النيران منها بقية
ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي ؟
حصيلة عام .. تنتهي في دقائق
وتلتهم النيران كل مزارعي
وتذهب أوراقي التي استهلكت دمي
فلا رجع موال .. ولا صوت زارع
أمطعمة النيران .. أحلى رسائلي
جمالك ماذا كان ؟ لولا روائعي
فثغرك بعض من أناقة أحرفي
وصدرك بعض من عويل زوابعي
أنا بعض هذا الحبر .. ما عدت ذاكراً
حدود حروفي من حدود أصابعي

الحب.. على شريط تسجيل



1
كلامُكِ ليسَ يُطاقُ..
وتعبيرُ عينيكِ ليسَ يُطاقُ..
وهذي الأغاني التي يَتَغَرْغَرُ فيها المُسجِّلُ
منذُ ابتداء النهار، إلى مطلعِ الفجرِ
ليست تطاقُ..
ولا بدَّ لي أن أغادرْ..
لماذا أظلُّ هنا؟ حين كلُّ الوسائد ضدِّي..
وكلُّ المقاعد ضدّي..
وكلُّ المرايا.. وكلُّ الزوايا .. وكلُّ الستائرْ..
لماذا أظلُّ هنا بعد موت جميع المشاعرْ؟
لماذا أظلُّ هنا؟
حين أشعر أني سأُشنقُ في آخر الليل..
فوقَ الضفائرْ..
لماذا أظلُّ هنا؟
حين أعرفُ أني سأُدفَنُ تحت رنين العُقُودِ..
وضَوْع البخورِ..
وشكوى الأساورْ..
سأذهبُ حتى أقابلَ شِعْري
فإني نسيتُ تماماً، طريقةَ رَسْمِ الحُروفِ،
نسيتُ بياضَ الدفاترْ..
فنصفي مقيمٌ لديكِ
ونصفي مسافرْ...
3
لكنَّ هذا المناخَ العدائيَّ بيني وبينكِ..
أطفأ كلَّ النجوم،
وأيْبَسَ كلَّ البيادرْ
صحيحٌ.. بأنَّ المكانَ أنيقٌ
وأن النبيذَ عميقٌ
وأنَّ التماثيلَ رائعةٌ، والأزاهرْ
ولكنّني، رَغْمَ هذا الإطار الملوكيِّ حولي،
أحِسُّ بأني أموتُ كشاعرْ...
4
ويا ستَّ كل الجميلاتِ..
وأنَ جُنودَكِ كُثْرٌ..
وأنَّ وصالَكِ قَهْرٌ.. وهَجْرَكِ قَهْرٌ..
وأنَّ الذي لا يسبّحُ باسمكِ كافرْ
فلا تَضَعيني.. بقائمة الرُكَّع الساجدينْ
ولا تُدْخليني.. بجيشِ الدراويش والصابرينْ
ولا تحسبيني..
خَرُوفاً تَجُزِّينَ عن جسمه الصوفَ.. كالآخرينْ
ولا تستبدّي برأيكِ فوقَ فراش الهوى
لأنّي من اللهِ.. لا أتلقى الأوامرْ...
خَرُوفاً تَجُزِّينَ عن جسمه الصوفَ.. كالآخرينْ
ولا تستبدّي برأيكِ فوقَ فراش الهوى
لأنّي من اللهِ.. لا أتلقى الأوامرْ...

رسالة حُبّ (11)-(20)




(11)
أحملكُ كالوّشم على ذراع بدويّ،
أَحملكِ .. كطُعْم الجُدَريّ
وأتسكّع معك..
على كلّ أرصفة العالم.
ليس عندي جوازُ سفر
وليس عندي صورةُ فوتوغرافية
منذ كنتُ في الثالثة من عمري.
إنّني لا أُحبّ التصاوير..
كلّ يوم يتغيّر لونُ عيوني
كلّ يوم يتغيّر مكانُ فمي
كلّ يوم يتغير عددُ أسناني
إنّني لا أحبّ الجلوس
على كراسي المصوّرين..
ولا أحبّ الصورَ التذكارية
كلّ أطفال العالم يتشابهون..
وكلّ المعذّبين في الأرض يتشابهون
كأسنان المشط..
لذلك..
نقعتُ جوازَ سفري القديم..
في ماء أحزاني.. وشربتُه..
وقررتُ..
أن أطوفَ العالم على درّاجة الحريّة
وبنفس الطريقة غير الشرعيّة
التي تستعملها الريح عندما تسافر..
وإذا سألوني عن عُنواني
أعطيتُهمْ عنوان كلّ الأرصفة
التي اخترتُها مكاناً دائماً لاقامتي.
وإذا سألوني عن أوراقي
أريتهمْ عينيك يا حبيبتي..
فتركوني أمرُّ
لأنّهم يعرفون..
أن السفر في مدائن عينيكِ..
من حقّ جميع المواطنين في العالم
(12)
وجهُكِ محفورٌ على ميناء ساعتي
محفورٌ على عقرب الدقائق..
وعقرب الثواني..
محفورٌ على الأسابيع..
والشهور.. والسَنَواتْ..
لم يعد لي زمنٌ خصوصيّ
أصبحتِ أنتِ الزمنْ.
*
إنتهتْ معكِ..
مملكةُ شؤوني الصغيرة.
لم يعد لديَّ أشياء أملكها وحدي.
لم يعد عندي زهورٌ أنسّقها وحدي.
لم يعد عندي كُتُبٌ
أقرؤها وحدي..
أنتِ تتدخّلين بين عيني وبين وَرَقتي.
بين فمي ، وبين صوتي.
بين رأسي ، وبين مخدَّتي.
بين أصابعي ، وبين لُفافتي.
*
طبعاً..
أنا لا أشكو من سُكْناكِ فيّْ..
ومن تدخّلك في حركة يدي..
وحركة جفني.. وحركة أفكاري
فحقولُ القمح لا تشكو من وفرة سنابلها
وأشجارُ التين لا تضيق بعصافيرها
والكؤوس لا تضيق بسكنى النبيذ الأحمر فيها.
كلُّ ما أطلبه منكِ يا سيّدتي
أن لا تتحرّكي في داخل قلبي كثيراً..
حتى لا أتوجّع..
(13)
ليس لكِ زمانٌ حقيقي خارجَ لهفتي
أنا زمانكِ
ليس لكِ أبعادٌ واضحة
خارج امتداد ذراعيّ
أنا أبعادُكِ كلّها
زواياك ودوائرك..
خُطوطُكِ المنحنية..
وخُطوطُكِ المستقيمة.
يومَ دخلتِ إلى غابات صدري
دخلتِ إلى الحريّة
يومَ خرجتِ منها
صرتِ جارية..
واشتراكِ شيخُ القبيلة.
*
أنا علّمتُكِ أسماءَ الشجرْ
وحوارَ الصراصير الليليّة
وأعطيتكِ عناوينَ النجوم البعيدة.
أنا أدخلتكِ مدرسةَ الربيع
وعلّمتكِ لغة الطير
وأبجديَّةَ الينابيع.
أنا كتبتُكِ على دفاتر المطرْ
وشراشف الثلج ، وأكواز الصنوبر
وعلّمتُكِ كيف تكلّمين الأرانبَ والثعالب..
وكيف تمشّطين صُوفَ الخِراف الربيعيَّة.
أنا أطلعتُكِ..
على مكاتيب العصافير التي لم تُنْشَرْ
وأعطيتُكِ .. خرائطَ الصيف والشتاء..
لتتعلّمي .. كيف ترتفع السنابلْ
وتزقزقُ الصيصانُ البيضاءْ..
وتتزوّج الأسماكُ بعضَها..
ويتدفّق الحليبُ من ثدي القمرْ..
لكنّكِ ..
تعبتِ من حصان الحريّة
فرماكِ حصانُ الحريّة
تعبتِ من غابات صدري
ومن سمفونية الصراصير الليليّة
تعبتِ من النوم عاريةً..
فوق شراشف القمر..
فتركتِ الغابة..
ليأكلكِ الذئب..
ويفترسَكِ ــ على سُنَّة الله ورسُوله
شيخُ القبيلة..
(14)
السنتان اللتان كنتِ فيهما حبيبتي
هما أهمُّ صفحتين..
في كتاب الحبّ المعاصرْ.
كلُّ الصفحات ، قبلَهما ، بيضاء
وكلُّ الصفحات ، بعدَهما ، بيضاءْ
إنّهما خطّ الاستواء
المارّ بين فمي وفمك
وهُما المقياس الزمنيّ
الذي تعتمده المراصد
وتُضبطُ عليه كلّ ساعات العالم..
(15)
كُلّما طالَ شَعْرُكِ
طالَ عُمْري..
كُلَّما رأَيتُهُ منثوراً على كتفيكِ
لوحةً مرسومةً بالفحم،
والحبر الصينيّ..
وأجنحة السنُونُو
حوَّطتُهُ بكلّ أسماء الله..
هل تعرفين؟
لماذا أستميتُ في عبادة شَعْرك..
لأنّ تفاصيلَ قصّتنا
من أوّل سطر إلى آخر سطرٍ فيها
منقوشةٌ عليه..
شعرُكِ .. هو دفترُ مذكّراتنا
فلا تتركي أحداً..
يسرقُ هذا الدفترْ..
(16)
عندما تضعين رأسكِ على كَتِفي..
وأنا أسوق سيّارتي
تترك النجومُ مداراتها
وتنزل بالألوف..
لتتزحلق على النوافذ الزجاجيّة..
وينزل القمر..
ليستوطنَ على كَتِفي..
عندئذ..
يصبح التدخينُ معكِ مُتْعة..
والحوارُ متعة
والسكوتُ متعة
والضَياعُ في الطُرُقاتِ الشتائيهْ
التي لا أسماء لها..
متعة.
وأتمنّى .. لو نبقى هكذا إلى الأبد
المطر يُغنّي..
ومَسَّاحات المطر تُغنّي
ورأسك الصغير،
متكمّشٌ بأعشاب صدري
كفراشةٍ إفريقية ملوّنة
ترفض أن تطير..
(17)
كُلَّما رأيتُكِ..
أيأسُ من قصائدي.
إنّني لا أيأس من قصائدي
إلا حين أكونُ معك..
جميلةٌ أنتِ .. إلى درجةِ أنّني
حين أفكّر بروعتك .. ألهث..
تلهث لغتي..
وتلهث مُفْرَداتي..
خلّصيني من هذا الإشكال..
كُوني أقلّ جمالاً...
حتى أستردَّ شاعريتي
كُوني امرأةً عادية..
تتكحّل .. وتتعطّر .. وتحبل .. وتلِدْ
كُوني امرأةً مثلَ كلّ النساء..
حتى أتصالح مع لغتي..
ومع فمي..
(18)
لستُ معلِّماً..
لأعلّمك كيف تُحبّينْ.
فالأسماك، لا تحتاج إلى معلِّمْ
لتتعلَّمَ كيف تسبحْ..
والعصافير، لا تحتاج إلى معلِّمْ
لتتعلّمَ كيف تطير..
إسبحي وحدَكِ..
وطيري وحدَكِ..
إن الحبّ ليس له دفاتر..
وأعظمُ عشّاق التاريخ..
كانوا لا يعرفون القراءة..
(19)
دعي بورجوازيَّتكِ ، يا سيّدتي
وسريرَ لويس السادس عشر
الذي تنامين عليه..
دعي عطورَك الفرنسية
وحقائبك المصنوعة من جلد التمساح..
واتبعيني..
إلى جُزُر المطر..
والأناناسْ..
والتوابل الحارقة..
حيث مياه السواحل ساخنة كجسدك..
وثمار المانغو..
مستديرة كنهديكِ..
إرمي كلَّ شيء وراءك..
واقفزي على صدري..
كسنجاب إفريقي..
فأنا يعجبني..
أن تتركي خدشاً واحداً على سطح جلدي.
أو جرحاً واحداً على زاوية فمي..
أتباهى به..
أمام رجال العشيرة..
آهِ .. يا امرأةَ التردّد .. والبرودْ
يا امرأة ماكس فاكتور.. وإليزابيت آردنْ
متحضِّرة أنتِ إلى درجة لا تحتملْ..
تجلسين على طاولة الحب..
وتأكلين بالشوكة والسكّينْ
أما أنا يا سيّدتي..
فبدويّ يختزن في شفتيه
عصوراً من العطش..
ويخبّئ تحت عباءته
ملايينَ الشموس..
فلا تغضبي منّي..
إذا خالفتُ آدابَ المائدة
ونزعتُ عن رقبتي الفوطةَ البيضاء
وعرَّيتكِ من ملابسك التنكّرية
وعلّمتكِ ..
كيف تأكلين بكلتا يديكِ
وتعشقين بكلتا يديكِ
وتركضين على رمال صدري
كمهْرةٍ بيضاءْ
تصهل في البادية..
(20)
لأنّني أُحبُّكِ..
يحدث شيءٌ غير عاديّ
في تقاليد السماء..
يصبح الملائكةُ أحراراً في ممارسة الحبّ..
ويتزوّج اللهُ .. حبيبته..

الأربعاء، 14 أبريل 2010

قانا


1
وجه قانا شاحب اللون كما وجه يسوع.
و هواء البحر في نيسان,
أمطار دماء, و دموع…
2
دخلوا قانا على أجسادنا
يرفعون العلم النازي في أرض الجنوب.
و يعيدون فصول المحرقة..
هتلر أحرقهم في غرف الغاز
و جاؤوا بعده كي يحرقونا..
هتلر هجرهم من شرق أوروبا..
و هم من أرضنا قد هجرونا.
هتلر لم يجد الوقت لكي يمحقهم
و يريح الأرض منهم..
فأتوا من بعده ..كي يمحقونا!!.
3
دخلوا قانا..كأفواج ذئاب جائعة.
يشعلون النار في بيت المسيح.
و يدوسون على ثوب الحسين..
و على أرض الجنوب الغالية..
4
قصفوا الحنطة, و الزيتون, و التبغ,
و أصوات البلابل..
قصفوا قدموس في مركبه..
قصفوا البحر..و أسراب النوارس..
قصفوا حتى المشافي..و النساء المرضعات..
و تلاميذ المدارس.
قصفوا سحر الجنوبيات
و اغتالوا بساتين العيون العسلية!..
5
….و رأينا الدمع في جفن علي.
و سمعنا صوته و هو يصلي
تحت أمطار سماء دامية..
6
كل من يكتب عن تاريخ (قانا)
سيسميها على أوراقه:
(كربلاء الثانية)!!.
7
كشفت قانا الستائر..
و رأينا أميركا ترتدي معطف حاخام يهودي عتيق..
و تقود المجزرة..
تطلق النار على أطفالنا دون سبب..
و على زوجاتنا دون سبب.
و على أشجارنا دون سبب.
و على أفكارنا دون سبب.
فهل الدستور في سيدة العالم..
بالعبري مكتوب..لإذلال العرب؟؟
8
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا؟
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة..
قتلنا, نحن العرب؟
9
انتظرنا عربي واحداً.
يسحب الخنجر من رقبتنا..
انتظرنا هاشميا واحداً..
انتظرنا قريشياً واحداً..
دونكشوتاً واحداً..
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه…
انتظرنا خالداً..أو طارقاً..أو عنترة..
فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة..
أرسلوا فاكسا إلينا..استلمنا نصه
بعد تقديم التعازي و انتهاء المجزرة!!.
10
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟
ما الذي تخشاه من (فاكساتنا)؟
فجهاد الفاكس من أبسط أنواع الجهاد..
فهو نص واحد نكتبه
لجميع الشهداء الراحلين.
و جميع الشهداء القادمين!!.
11
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟
و جرير ..و الفرذدق؟
و من الخنساء تلقي شعرها عند باب المقبرة..
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات..
و توقيع البيانات..و تحطيم لمتاجر..
و هي تدري أننا لم نكن يوما ملوك الحرب..
بل كنا ملوك الثرثرة…
12
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل..
و من شق الملاءات..و من لطم الخدود؟
ما الذي تخشاه من أخبار عاد و ثمود؟؟
13
نحن في غيبوبة قومية
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا…
14
نحن شعب من عجين.
كلما تزداد إسرائيل إرهابا و قتلا..
نحن نزداد ارتخاء ..و برودا..
15
وطن يزداد ضيقاً.
لغة قطرية تزداد قبحاً.
وحدة خضراء تزداد انفصالاً.
و حدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!!
16
كيف إسرائيل لا تذبحنا ؟
كيف لا تلغي هشاما, و زياداً, و الرشيدا؟
و بنو تغلب مشغولون في نسوانهم..
و بنوا مازن مشغولون في غلمانهم..
و بنو هاشم يرمون السراويل على أقدامها..
و يبيحون شفاها ..و نهودا!!.
17
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب
بعد ما صاروا يهودا؟؟…

رسائل حب من 1 الى 10

(1)
أريد أن أكتب لك كلاماً
لا يُشبهُ الكلامْ
وأخترع لغةً لكِ وحدكِ
أفصّلها على مقاييس جسدك
ومساحةِ حبّي.
*
أريدُ أن أسافرَ من أوراق القاموس
وأطلبَ إجازةً من فمي.
فلقد تعبتُ من استدارة فمي
أريدُ فماً آخر..
يستطيع أن يتحوّل متى أرادْ
إلى شجرة كَرَز
أو علبة كبريت
أريد فماً جديداً
تخرج منه الكلماتْ
كما تخرج الحوريّات من زَبَد البحر
وكما تخرج الصيصَانُ البيضاء
من قبَّعة الساحر..
*
خذُوا جميعَ الكتب
التي قرأتُها في طفولتي
خذُوا جميع كراريسي المدرسيّة
خذوا الطباشيرَ..
والأقلامَ..
والألواحَ السوداءْ..
وعلّموني كلمةً جديدة
أُعلّقها كالحَلَقْ
في أُذُن حبيبتي
*
أريدُ أصابعَ أخرى..
لأكتبَ بطريقةٍ أخرى
فأنا أكرهُ الأصابعَ التي لا تطول .. ولا تقصر
كما أكرهُ الأشجار التي لا تموت .. ولا تكبر
أريد أصابعَ جديدة..
عاليةً كصوراي المراكبْ
وطويلةً ، كأعناق الزرافاتْ
حتى أفصّل لحبيبتي
قميصاً من الشِعرْ..
لم تلبسه قبلي.
أريدُ أن أصنع لكِ أبجديّة
غيرَ كلّ الأبجدياتْ.
فيها شيء من إيقاع المطرْ
وشيء من غبار القمرْ
وشيء من حزن الغيوم الرماديّة
وشيء من توجّع أوراق الصفصاف
تحت عَرَبات أيلول.
*
أريد أن أهديكِ كنوزاً من الكلماتْ
لم تُهْدَ لامرأةٍ قبلك..
ولنْ تُهْدَى لامرأةٍ بعدكْ.
يا امرأةً..
ليس قَبْلَها قَبْلْ
وليس بَعْدَها بَعْدَ
*
أريدُ أن أعلَّم نهديْكِ الكسوليْنْ
كيف يُهجِّيان اسمي..
وكيف يقرءان مكاتيبي
أريدُ .. أن أجعلكِ اللغة..
(2)
نهارَ دخلتِ عليَّ
في صبيحة يومٍ من أيام آذارْ
كقصيدةٍ جميلةٍ .. تمشي على قَدَمَيْها
دخلت الشمسُ معك..
ودخل الربيعُ معك..
كان على مكتبي أوراقٌ.. فأورقَتْ
وكان أمامي فنجانُ قهوة
فشربني قبل أن أشربه
وكان على جداري لوحةٌ زيتية
وكان على جداري لوحةٌ زيتية
لخيول تركض..
فتركتْني الخيولُ حين رأتكِ
وركضتْ نحوك..
*
نهارَ زُرتني..
في صبيحة ذلك اليوم من آذارْ
حدثتْ قشعريرةٌ في جسد الأرض
وسقَطَ في مكان ما.. من العالم
وسقَطَ في مكان ما.. من العالم
نيزكٌ مشتعلْ..
حسبه الأطفال فطيرةً محشوةً بالعسلْ..
وحسبتهُ النساء..
سواراً مرصَّعاً بالماسْ..
وحسبه الرجال..
من علامات ليلة القدْرْ..
*
وحين نزعتِ معطفكِ الربيعيّ
وجلستِ أمامي..
فراشةً تحمل في أحقابها ثيابَ الصيف..
تأكّدتُ أن الأطفال كانوا على حقّ..
والنساء كُنَّ على حقّ..
والرجال كانوا على حقّ..
وأنّكِ..
شهيّةٌ كالعسلْ..
وصافيةٌ كالماسْ..
ومذهلةٌ كليلة القدرْ...
(3)
عندما قلتُ لكِ :
"أُحبّكِ".
كنتُ أعرف..
أنني أقود انقلاباً على شريعة القبيلة
وأقرع أجراسَ الفضيحة
كنتُ أريد أن أستلم السلطة
لأجعلَ غابات العالم أكثرَ ورقاً
وبحارَ العالم أكثرَ زرقةً
وأطفالَ العالم أكثرَ براءة.
كنتُ أريد..
أن أُنهي عصرَ البربريَّة
وأقتلَ آخر الخلفاء
كان في نيّتي _عندما أحببتكِ_
أن أكسر أبوابَ الحريم
وأنقذَ أثداءَ النساء..
من أسنان الرجال..
وأجعلَ حَلَمَاتهنّ
ترقصُ في الهواء مبتهجة
كحبّات الزعرور الأحمر..
عندما قلتُ لكِ:
"أُحبّكِ".
كنتُ أعرف..
أنني أخترع أبجديةً جديدة
لمدينةٍ لا تقرأ..
وأنشد أشعاري في قاعة فارغة
وأقدّم النبيذ
لمن لا يعرفون نعمة السُكْرْ.
*
عندما قلتُ لكِ:
"أُحبّكِ"
كنتُ أعرف.. أن المتوحّشين سيتعقبونني
بالرماح المسمومة.. وأقواس النشّاب.
وأنّ صُوَري..
ستُلصَق على كلّ الحيطان
وأنَّ بَصَماتي..
ستوزَّع على كلَّ المخافر
وأن جائزةً كبرى..
ستُعطى لمن يحمل لهم رأسي
ليُعلّقَ على بوّابة المدينة
كبرتقالةٍ فلسطينية..
عندما كتبتُ اسمكِ على دفاتر الورد..
كنتُ أعرف..
أنّ كلَّ الأُميّين سيقفون ضدّي
وكلَّ آلِ عثمان.. ضدّي
وكلَّ الدراويش .. والطرابيش .. ضدّي.
وكلّ العاطلين بالوراثة
عن ممارسة الحبّ .. ضدّي
وكلَّ المرضى بوَرَم الجنس..
ضدّي..
عندما قرّرتُ أن أقتلَ آخر الخلفاءْ
وأُعلنَ قيامَ دولةٍ للحبّ..
تكونين أنتِ مليكتَها..
كنتُ أعرف..
أنَّ العصافير وحدَها..
ستعلنُ الثورةَ معي..
(4)
حين وزَّع اللهُ النساءَ على الرجالْ
وأعطاني إيَّاكِ..
شعرتُ..
أنّه انحاز بصورة مكشوفة إليّْ
وخالفَ كلَّ الكتب السماويّة التي ألَّفها
فأعطاني النبيذ ، وأعطاهم الحنطة
ألبسني الحرير، وألبسهم القطن
أهدى إليَّ الوردة
وأهداهم الغصن..
*
حين عَرَّفني اللهُ عليكِ..
وذهب إلى بيته
فكَّرتُ .. أن أكتب له رسالة
على ورقٍ أزرقْ
وأضعها في مُغلّفٍ أزرقْ
وأغسلها بالدمع الأزرقْ
أبدؤها بعبارة: يا صديقي
كنتُ أريد أن أشكرَهُ
لأنّه اختاركِ لي..
فاللهُ _ كما قالوا لي _
لا يستلم إلا رسائلَ الحب.
ولا يجاوب إلا عليها..
*
حين استلمتُ مكافأتي
ورجعتُ أحملك على راحة يديا
كزهرة مانوليا
بستُ يدَ الله..
وبستُ القمر والكواكب
واحداً .. واحداً
وبستُ الجبال .. والأودية
وأجنحة الطواحين
بستُ الغيومَ الكبيرة
والغيومَ التي لا تزال تذهب إلى المدرسة
بستُ الجُزُرَ المرسومة على الخرائط
والجُزُرَ التي لا تزال بذاكرة الخرائط
بستُ الأمشاط التي ستتمشّطين بها
والمرايا .. التي سترتسمين عليها..
وكلَّ الحمائم البيضاء..
التي ستحمل على أجنحتها
جهازَ عرسك..
(5)
لم أكُنْ يوماً ملِكاً
ولم أنحدر من سلالات الملوكْ
غير أن الإحساسَ بأنّكِ لي..
يعطيني الشعورَ
بأنني أبسط سلطتي على القارات الخمسْ
وأسيطر على نزوات المطر، وعَرَبات الريح
وأمتلك آلافَ الفدادين فوق الشمس..
وأحكم شعوباً .. لم يحكمها أحدٌ قبلي..
وألعب بكواكب المجموعة الشمسية..
كما يلعب طفلٌ بأصداف البحر...
لم أكنْ يوماً مَلِكاً
ولا أريدُ أن أكونه
غيرَ أن مُجرَّدَ إحساسي
بأنّكِ تنامين في جوف يدي..
كلؤلؤة كبيرة..
في جوف يدي..
يجعلني أتوهَّم..
بأنّني قيصر من قياصرة روسيا
أو أنّني..
كسرى أنو شروانْ..
(6)
لماذا أنتِ؟
لماذا أنتِ وحدك؟
من دون جميع النساء
تغيِّرين هندسةَ حياتي
وإيقاعَ أيّامي
وتتسلّلين حافيةً..
إلى عالم شؤوني الصغيرة
وتُقفلين وراءكِ الباب..
ولا أعترض..
*
لماذا؟
أُحبّكِ أنتِ بالذاتْ
وأنتقيكِ أنتِ بالذاتْ
وأسمح لكِ..
بأن تجلسي فوق أهدابي
تُغنّين،
وتُدخّنين،
وتلعبين الورق..
ولا أعترض.
*
لماذا ؟
تشطبينَ كلَّ الأزمنة
وتوقفين حركةَ العصور
وتغتالين في داخلي
جميعَ نساء العشيرة
واحدة .. واحدة..
ولا أعترض
*
لماذا؟
أعطيكِ، من دون جميع النساء
مفاتيحَ مُدُني
التي لم تفتح أبوابَها..
لأيّ طاغية
ولم ترفع راياتها البيضاء..
لأيّة امرأة..
وأطلب من جنودي
أن يستقبلوك بالأناشيد
والمناديل..
وأكاليل الغار..
وأبايعكِ..
أمامَ جميع المواطنين
وعلى أنغام الموسيقى، ورنين الأجراس
أميرةً مدى الحياة..
(7)
علّمتُ أطفالَ العالم
كيف يهجّون اسمكِ..
فتحولت شفاهُهُم إلى أشجار توتْ.
أصبحتِ يا حبيبتي..
في كُتُب القراءة ، وأكياس الحلوى.
خبأتُكِ في كلمات الأنبياء
ونبيذ الرهبان.. ومناديل الوداع
رسمتكِ على نوافذ الكنائس
ومرايا الحُلُم..
وخشب المراكب المسافرة..
أعطيتُ أسماكَ البحر..
عنوانَ عينيكِ
فنسيتْ عناوينها القديمة
أخبرتُ تجّار الشرق..
عن كنوز جسدك..
فصارت القوافل الذاهبةُ إلى الهند
لا تشتري العاج
إلا من أسواق نهديك..
أوصيتُ الريحَ
أن تمشّط خصلات شعرك الفاحم
فاعتذرتْ.. بأنَّ وقتها قصيرْ..
وشعركِ طويلْ..
(8)
من أنتِ يا امرأة؟
أيّتها الداخلة كالخنجر في تاريخي
أيّتها الطيّبة كعيون الأرانب
والناعمة كوَبَر الخوخة
أيتها النقيّة، كأطواق الياسمين
والبريئة كمرايل الأطفال..
أيتها المفترسة كالكلمة..
أُخرجي من أوراق دفاتري
أُخرجي من شراشف سريري..
أُخرجي من فناجين القهوة
وملاعق السُكَّرْ..
أُخرجي من أزرار قمصاني
وخيوط مناديلي..
أخرجي من فرشاة أسناني
ورغوة الصابون على وجهي
أخرجي من كلّ أشيائي الصغيرة
حتى أستطيع أن أذهب إلى العمل...
(9)
إني أُحبّكِ..
ولا ألعبُ معكِ لعبةَ الحبّ
ولا أتخاصم معكِ كالأطفال على أسماكِ البحر
سمكة حمراء لكِ..
وسمكة زرقاء لي..
خذي كلَّ السمك الأحمر والأزرقْ
وظلّي حبيبتي..
خذي البحرَ ، والمراكبَ ، والمسافرين.
وظلّي حبيبتي..
إنني أضع جميع ممتلكاتي أمامك..
ولا أفكر في حساب الربح والخسارة..
ربّما ..
لم يكن عندي أرصدة في البنوك
ولا آبار بترول أتغرغر بها..
وتستحمّ فيها عشيقاتي..
ربّما .. لم تكن عندي ثروة آغاخان..
ولا جزيرةٌ في عرض البحر كأوناسيس
فأنا لستُ سوى شاعر..
كلُّ ثروتي.. موجودةٌ في دفاتري
وفي عينيكِ الجميلتينْ..
(10)
رماني حبُّكِ على أرض الدهشة
هاجمني..
كرائحة امرأةٍ تدخل إلى مصعدْ..
فاجأني..
وأنا أجلس في المقهى مع قصيدة
نسيتُ القصيدة..
فاجأني..
وأنا أقرأُ خطوطَ يدي
نسيتُ يدي..
داهمني كديكٍ متوحّش
لا يرى.. ولا يسمع
إختلط ريشُه بريشي
إختلطتْ صيحاتُه بصيحاتي
فاجأني..
وأنا قاعدٌ على حقائبي
أنتظر قطارَ الأيام..
نسيتُ القطارْ..
ونسيتُ الأيّامْ..
وسافرتُ معكِ..
إلى أرض الدهشة..

أكتب للصغار..

أكتب للصغار..
للعرب الصغار حيث يوجدون...
لهم على اختلاف اللون والاعمار..والعيون..
أكتب للذين سوف يولدون..
لهم أنا أكتب..للصغار...
لأعين يركض في أحداقها النهار...
أكتب باختصار..
قصة ارهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
قضت سنين الحرب في زنزانه منفردة..
كالجرذ..في زنزانه منفردة..
شيدها الالمان في براغ...
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود...
يزور النقود..
وهي تدير منزلاً للفحش في براغ...
يقصده الجنود...
وآلت الحرب الى ختام...
وأعلن السلام...
ووقع الكبار...
أربعة يلقبون نفسهم كبار...
صك وجود الأمم المتحدة..
...وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح..
سفينة تلعنها الرياح...
وجهتها الجنوب..
تغص بالجرذان..والطاعون ..واليهود..
كانوا خليطاً من سقاطة الشعوب...
من غرب بولندا..
من النمسا...من استنبول..من براغ..
من آخر الأرض..من السعير..
جاءوا الى موطننا الصغير..
موطننا المسالم الصغير..
فلطخوا ترابنا...
وأعدموا نساءنا...
ويتموا أطفالنا...
ولاتزال الأمم المتحدة...
ولم يزل ميثاقها الخطير...
يبحث في حرية الشعوب...
وحق تقرير المصير...
والمثل المجردة...
فليذكر الصغار...
العرب الصغار..حيث يوجدون..
من ولدوا منهم ومن سيولدون...
قصة إرهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
حلت محل أمي الممددة...
في أرض بيارتنا الخضراء في الخليل...
أمي أنا الذبيحة المستشهدة...
وليذكر الصغار..
حكاية الأرض التي ضيعها الكبار..
والأمم المتحدة...
أكتب للصغار..
قصة بئر السبع ..والخليل..
وأختي القتيل...
هناك في بيارة الليمون...
أختي القتيل..
هل يذكر الليمون في الرملة..
في اللد..
وفي الخليل..
أختي التي علقها اليهود في الأصيل..
من شعرها الطويل..
أختي انا نوار...
أختي انا الهتيكة الإزار...
على رُبَى الرملة والجليل...
أختي التي مازال جرحها الطليل...
مازال بانتظار...
نهار ثأر واحد..نهار ثار...
على يد الصغار...
جيل فدائي من الصغار...
يعرف عن نوار...
وشعرها الطويل...
وقبرها الضائع في القفار...
أكثر مما يعرف الكبار...
أكتب للصغار..
أكتب عن يافا..وعن مرفأها القديم...
عن بقعة غالية الحجار...
يضيء برتقالها...
كخيمة النجوم...
تضم قبر والدي...وإخوتي الصغار..
هل تعرفون والدي..
وإخوتي الصغار؟..
اذ كان في يافا لنا..
حديقة ودار...
يلفها النعيم...
وكان والدي الرحيم...
مزارعاً وشيخاً...يحب الشمس.. والتراب..
والله..والزيتون...والكروم...
كان يحب زوجه وبيته..
والشجر المثقل..بالنجوم...
...وجاء أغراب مع الغياب..
من شرق أوروبا..ومن غياهب السجون..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب...
فأتلفوا الثمار..
وكسروا الغصون...
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم...
والخمسة الأطفال في وجوم...
واشتعلت في والدي كرامة التراب...
فصاح فيهم: اذهبوا الى الجحيم...
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب..!
...ومات والدي الرحيم..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه..
مات والدي العظيم...
في الموطن العظيم...
وكفه مشدودة شداً الى التراب...
فليذكر الصغار..
العرب الصغار حيث يوجدون...
من ولدوا منهم ..ومن سيولدون..
ماقيمة التراب..
لأن في انتظارهم...
معركة التراب....
نزار قباني

منشورات فدائية على جدران اسرائيل

لن تجعلوا من شعبنا
شعبَ هنودٍ حُمرْ..
فنحنُ باقونَ هنا..
في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها
إسوارةً من زهرْ
فهذهِ بلادُنا..
فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمرْ
فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعرْ
مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيشِ البحرْ..
مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها
في قمحِها المُصفرّْ
مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيسانِها
باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها
باقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها..
وفي الوصايا العشرْ..
2
لا تسكروا بالنصرْ…
إذا قتلتُم خالداً.. فسوفَ يأتي عمرْو
وإن سحقتُم وردةً..
فسوفَ يبقى العِطرْ
3
لأنَّ موسى قُطّعتْ يداهْ..
ولم يعُدْ يتقنُ فنَّ السحرْ..
لأنَّ موسى كُسرتْ عصاهْ
ولم يعُدْ بوسعهِ شقَّ مياهِ البحرْ
لأنكمْ لستمْ كأمريكا.. ولسنا كالهنودِ الحمرْ
فسوفَ تهلكونَ عن آخركمْ
فوقَ صحاري مصرْ…
4
المسجدُ الأقصى شهيدٌ جديدْ
نُضيفهُ إلى الحسابِ العتيقْ
وليستِ النارُ، وليسَ الحريقْ
سوى قناديلٍ تضيءُ الطريقْ
5
من قصبِ الغاباتْ
نخرجُ كالجنِّ لكمْ.. من قصبِ الغاباتْ
من رُزمِ البريدِ، من مقاعدِ الباصاتْ
من عُلبِ الدخانِ، من صفائحِ البنزينِ، من شواهدِ الأمواتْ
من الطباشيرِ، من الألواحِ، من ضفائرِ البناتْ
من خشبِ الصُّلبانِ، ومن أوعيةِ البخّورِ، من أغطيةِ الصلاةْ
من ورقِ المصحفِ نأتيكمْ
من السطورِ والآياتْ…
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ، وفي الماءِ، وفي النباتْ
ونحنُ معجونونَ بالألوانِ والأصواتْ..
لن تُفلتوا.. لن تُفلتوا..
فكلُّ بيتٍ فيهِ بندقيهْ
من ضفّةِ النيلِ إلى الفراتْ
6
لن تستريحوا معنا..
كلُّ قتيلٍ عندنا
يموتُ آلافاً من المراتْ…
7
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدةُ النورِ لها أظافرْ
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ
والموتُ في انتظاركم في كلِّ وجهٍ عابرٍ…
أو لفتةٍ.. أو خصرْ
الموتُ مخبوءٌ لكم.. في مشطِ كلِّ امرأةٍ..
وخصلةٍ من شعرْ..
8
يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ
عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْ..
إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا
فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْ
والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا
فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْ
هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْ
قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْ
9
ننصحُكم أن تقرأوا ما جاءَ في الزّبورْ
ننصحُكم أن تحملوا توراتَكم
وتتبعوا نبيَّكم للطورْ..
فما لكم خبزٌ هنا.. ولا لكم حضورْ
من بابِ كلِّ جامعٍ..
من خلفِ كلِّ منبرٍ مكسورْ
سيخرجُ الحجّاجُ ذاتَ ليلةٍ.. ويخرجُ المنصورْ
10
إنتظرونا دائماً..
في كلِّ ما لا يُنتظَرْ
فنحنُ في كلِّ المطاراتِ، وفي كلِّ بطاقاتِ السفرْ
نطلعُ في روما، وفي زوريخَ، من تحتِ الحجرْ
نطلعُ من خلفِ التماثيلِ وأحواضِ الزَّهرْ..
رجالُنا يأتونَ دونَ موعدٍ
في غضبِ الرعدِ، وزخاتِ المطرْ
يأتونَ في عباءةِ الرسولِ، أو سيفِ عُمرْ..
نساؤنا.. يرسمنَ أحزانَ فلسطينَ على دمعِ الشجرْ
يقبرنَ أطفالَ فلسطينَ، بوجدانِ البشرْ
يحملنَ أحجارَ فلسطينَ إلى أرضِ القمرْ..
11
لقد سرقتمْ وطناً..
فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ
صادرتُمُ الألوفَ من بيوتنا
وبعتمُ الألوفَ من أطفالنا
فصفّقَ العالمُ للسماسرهْ..
سرقتُمُ الزيتَ من الكنائسِ
سرقتمُ المسيحَ من بيتهِ في الناصرهْ
فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ
وتنصبونَ مأتماً..
إذا خطفنا طائرهْ
12
تذكروا.. تذكروا دائماً
بأنَّ أمريكا – على شأنها –
ليستْ هيَ اللهَ العزيزَ القديرْ
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنعَ الطيورَ أن تطيرْ
قد تقتلُ الكبيرَ.. بارودةٌ
صغيرةٌ.. في يدِ طفلٍ صغيرْ
13
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ
لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ
طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدوركمْ..
كالنقشِ في الرخامْ..
باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ
باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ
باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ
باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ
باقونَ في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمّامْ..
باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ
باقونَ في مخارجِ الكلامْ..
14
موعدُنا حينَ يجيءُ المغيبْ
موعدُنا القادمُ في تل أبيبْ
"نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبْ"
15
ليسَ حزيرانُ سوى يومٍ من الزمانْ
وأجملُ الورودِ ما ينبتُ في حديقةِ الأحزانْ..
16
للحزنِ أولادٌ سيكبرونْ..
للوجعِ الطويلِ أولادٌ سيكبرونْ
للأرضِ، للحاراتِ، للأبوابِ، أولادٌ سيكبرونْ
وهؤلاءِ كلّهمْ..
تجمّعوا منذُ ثلاثينَ سنهْ
في غُرفِ التحقيقِ، في مراكزِ البوليسِ، في السجونْ
تجمّعوا كالدمعِ في العيونْ
وهؤلاءِ كلّهم..
في أيِّ.. أيِّ لحظةٍ
من كلِّ أبوابِ فلسطينَ سيدخلونْ..
17
..وجاءَ في كتابهِ تعالى:
بأنكم من مصرَ تخرجونْ
وأنكمْ في تيهها، سوفَ تجوعونَ، وتعطشونْ
وأنكم ستعبدونَ العجلَ دونَ ربّكمْ
وأنكم بنعمةِ الله عليكم سوفَ تكفرونْ
وفي المناشير التي يحملُها رجالُنا
زِدنا على ما قالهُ تعالى:
سطرينِ آخرينْ:
ومن ذُرى الجولانِ تخرجونْ
وضفّةِ الأردنِّ تخرجونْ
بقوّةِ السلاحِ تخرجونْ..
18
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
ونحنُ باقونَ هنا، حدائقاً، وعطرَ برتقالْ
باقونَ فيما رسمَ اللهُ على دفاترِ الجبالْ
باقونَ في معاصرِ الزيتِ.. وفي الأنوالْ
في المدِّ.. في الجزرِ.. وفي الشروقِ والزوالْ
باقونَ في مراكبِ الصيدِ، وفي الأصدافِ، والرمالْ
باقونَ في قصائدِ الحبِّ، وفي قصائدِ النضالْ
باقونَ في الشعرِ، وفي الأزجالْ
باقونَ في عطرِ المناديلِ..
في (الدَّبكةِ) و (الموَّالْ)..
في القصصِ الشعبيِّ، والأمثالْ
باقونَ في الكوفيّةِ البيضاءِ، والعقالْ
باقونَ في مروءةِ الخيلِ، وفي مروءةِ الخيَّالْ
باقونَ في (المهباجِ) والبُنِّ، وفي تحيةِ الرجالِ للرجالْ
باقونَ في معاطفِ الجنودِ، في الجراحِ، في السُّعالْ
باقونَ في سنابلِ القمحِ، وفي نسائمِ الشمالْ
باقونَ في الصليبْ..
باقونَ في الهلالْ..
في ثورةِ الطلابِ، باقونَ، وفي معاولِ العمّالْ
باقونَ في خواتمِ الخطبةِ، في أسِرَّةِ الأطفالْ
باقونَ في الدموعْ..
باقونَ في الآمالْ
19
تسعونَ مليوناً من الأعرابِ خلفَ الأفقِ غاضبونْ
با ويلكمْ من ثأرهمْ..
يومَ من القمقمِ يطلعونْ..
20
لأنَّ هارونَ الرشيدَ ماتَ من زمانْ
ولم يعدْ في القصرِ غلمانٌ، ولا خصيانْ
لأنّنا مَن قتلناهُ، وأطعمناهُ للحيتانْ
لأنَّ هارونَ الرشيدَ لم يعُدْ إنسانْ
لأنَّهُ في تحتهِ الوثيرِ لا يعرفُ ما القدسَ.. وما بيسانْ
فقد قطعنا رأسهُ، أمسُ، وعلّقناهُ في بيسانْ
لأنَّ هارونَ الرشيدَ أرنبٌ جبانْ
فقد جعلنا قصرهُ قيادةَ الأركانْ..
21
ظلَّ الفلسطينيُّ أعواماً على الأبوابْ..
يشحذُ خبزَ العدلِ من موائدِ الذئابْ
ويشتكي عذابهُ للخالقِ التوَّابْ
وعندما.. أخرجَ من إسطبلهِ حصاناً
وزيَّتَ البارودةَ الملقاةَ في السردابْ
أصبحَ في مقدورهِ أن يبدأَ الحسابْ..
22
نحنُ الذينَ نرسمُ الخريطهْ
ونرسمُ السفوحَ والهضابْ..
نحنُ الذينَ نبدأُ المحاكمهْ
ونفرضُ الثوابَ والعقابْ..
23
العربُ الذين كانوا عندكم مصدّري أحلامْ
تحوّلوا بعدَ حزيرانَ إلى حقلٍ من الألغامْ
وانتقلت (هانوي) من مكانها..
وانتقلتْ فيتنامْ..
24
حدائقُ التاريخِ دوماً تزهرُ..
ففي ذُرى الأوراسِ قد ماجَ الشقيقُ الأحمرُ..
وفي صحاري ليبيا.. أورقَ غصنٌ أخضرُ..
والعربُ الذين قلتُم عنهمُ: تحجّروا
تغيّروا..
تغيّروا
25
أنا الفلسطينيُّ بعد رحلةِ الضياعِ والسّرابْ
أطلعُ كالعشبِ من الخرابْ
أضيءُ كالبرقِ على وجوهكمْ
أهطلُ كالسحابْ
أطلعُ كلَّ ليلةٍ..
من فسحةِ الدارِ، ومن مقابضِ الأبوابْ
من ورقِ التوتِ، ومن شجيرةِ اللبلابْ
من بركةِ الدارِ، ومن ثرثرةِ المزرابْ
أطلعُ من صوتِ أبي..
من وجهِ أمي الطيبِ الجذّابْ
أطلعُ من كلِّ العيونِ السودِ والأهدابْ
ومن شبابيكِ الحبيباتِ، ومن رسائلِ الأحبابْ
أفتحُ بابَ منزلي.
أدخلهُ. من غيرِ أن أنتظرَ الجوابْ
لأنني أنا.. السؤالُ والجوابْ
26
محاصرونَ أنتمُ بالحقدِ والكراهيهْ
فمن هنا جيشُ أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويهْ
سلامُكم ممزَّقٌ..
وبيتُكم مطوَّقٌ
كبيتِ أيِّ زانيهْ..
27
نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ
نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ
من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ
من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ
من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ
من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ
نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ
ونطمسَ الحروفَ..
في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء..

يوميات قرصان

عزيزتى
أذا رجعت لحظة لنفسى
أشعر أن حبنا جريمة
وأننى مهرج عجوز
يقذفه الجمهور بالصفير والشتيمة
أشعر أنى سارق يسطو على لؤلؤة كريمة
أشعر فى قرارتى
أن العبارة التى ألفظها جريمة
أن أنتصاراتى التى أزعمها
ليست سوى هزيمة
فما أنا أكثر من جريدة قديمة
وأنتى يا صغيرتى
ما زلتى..تحتاجين للأمومة
أذا رجعت لحظة لنفسى
أدرك يا عزيزتى
تفاهة انتصارى
أشعر أن حبنا
تجربة أنتحار
وأننا
ننكش كالأطفال فى هياكل المحار
أشعر أن ضحكتى
نوع من القمار
وقبلتى لكى
نوع من القمار
أشعر أن نهدك المزروع فى جوارى
كخنجر مفضض
ككوكب مدارى
يشتمنى
يجلدنى
يشعرنى بعارى
اذا رجعت لحظة لنفسى
أشعر أن حبنا حماقة كبيرة
وأننى حاوى من الحواة
يخرج من جيوبه الأرانب المثيرة
وأننى كتاجر الرقيق
يبيع كل مرة ضميره
أشعر فى قرارتى
أن يدى فى يدك الصغيرة
قرصنة حقيرة
أن يدى
كخيط العنكبوت
تلتف حول الخصر والضفيرة
أشعر فى قرارتى
أنك..بعد..نعجة..غريزة
أما أنا..فمركب عتيق
يواجه الدقائق الأخيرة