تـقــــديــــــــم

مرحبا كيف حالك ؟ تريد البقاء هنا ؟

اشفق عليك لآنك ستكتشف ان القدر رتب لك لقاء مع رجل سجين، يبحث عن صيغة مناسبة يقنع بها حوائط غرفته كى يبتعدوا قليلاً عنه حتى يتنفس ..!!


الأربعاء، 21 أبريل 2010

قبل أن .. وبعد أن





1
قبل أن أحبّكِ..
كنتُ متصالحاً مع اللغَهْ
ألعبُ لها، بمهارة ساحرٍ محترفْ
وأحرِّك خيوطَها..
كما يحرِّك طفلٌ طيارةً من ورقْ
كنتُ أميرَ الطير.. وسيِّد المُغنّينْ
وكنتُ إذا سرتُ في الغابَهْ
تركض خلفي الأرانبْ..
وتتبعني الأشجارْ
وتكلمني الضفادعُ النهريّهْ
وتنزلُ النجومُ من شُرُفاتها
لتنامَ على كَتِفي..
قبل أن أحبّكِ..
كانت إقطاعاتي الأدبيَّهْ
لا تغيبُ عنها الشمسْ
ومملكتي الشعريَّهْ
تمتدُّ من الماء إلى الماءْ
ومن النساءِ.. إلى النساءْ
وكانت الشفةُ التي لا أكتب عنها
تتحوّلُ إلى وردةٍ من وَرَقْ..
وكان النهدُ الذي لا يبايعني
ملكاً مدى الحياهْ
يُعتبر نهداً أميّاً.. ورجْعياً
وتسقطُ عنه حقوقُه المدنيّهْ..
3
كان يختبئُ في حنجرتي عشُّ عصافيرْ
ويعزفُ في دمي
ألفُ تشايكوفسكي..
وألفُ رحمانينوفْ
وألفُ سيّد درويشْ
كانت الأبجديّةُ صديقتي
وكانت الثمانيةُ وعشرونَ حرفاً
تكفي لبوحي، واعترافاتي
وتتبعني كقطيعٍ من الغزلانْ
تأكُلُ العشبَ من يدي
وتشربُ الماءَ من يدي..
وتتعلَّمُ أصولَ الحبّ على يدي..
4
قبل أن أحبّكِ..
وأحلامي على قَدِّي
وحزني.. وفَرَحي.. وجنوني
على قَدِّي..
وحين جاء الحبّ الكبيرْ
بدأ المأزِقُ الكبيرْ
وتمزّقتْ خرائطُ اللغَهْ
وصارَ كلُّ ما أعرفه من كلامٍ جميلْ
لا يكفي لتغطية عَشْر دقائقَ من الحنينْ
عندما أدعوكِ للعشاءْ..
5
قبل أن تصبحي حبيبتي
كنتُ أضطجعُ على سرير اللغَهْ
أتغزّلُ بالكلمة التي أريدْ
وأتزوّجُ المُفْرَدَةَ التي أريدْ
لم يكنْ عندي مشكلةٌ مع اللغَهْ
كنتُ مسكوناً بالرنين كأرغُنِ كنيسَهْ
وكنتُ أهدل كالحمائمْ
وأصدح كطيور الكناري
وألبس اللغةَ في إصبعي
خاتماً من الزمرّد الأخضرْ..
6
بعد أن صرتِ حبيبتي
أضعتُ ذاكرتي اللغويّةَ نهائياً
ونسيتُ كيف تُهجَّى الحروف.. وكيف تُكْتَبْ..
إلا إسمَكِ..
ولم أعُدْ أتذكر من الأصوات..
إلا صوتَكِ...
ولا أتذكّر من موانئ البحر الأبيض المتوسّطْ
سوى عينيكِ المكتظتينِ..
بالحزنِ..
والكُحْلِ..
وطيورِ النَوْرَسْ...
7
بعدَ.. أن دخَلَ سيفُكِ في لحمي
ولحم ثقافتي
إكتشفتُ أن مساحةَ الفن تضيقْ
كلما اتَّسعتْ مساحةُ العشقْ
سقطتْ من التداولْ
كعملةٍ ورقية ليس لها تغطيَهْ
وأن جميعَ ما أعرفه من مفرداتْ
لا يكفي لتسديد ثمن فنجانيْ قهوَهْ
في أحد مقاهي فينيسيا.. أو كومو..
أو فيينا.. أو لوغانو..
أو بيروتْ..
8
يا التي تعتقلني في داخل قصائدي
وتتحكم بمفاتيح حنجرتي
ومقامات صوتي..
لم يعد يكفيني أن أقولَ (أُحبّكِ)
أريد أن أصل معكِ إلى مرحلة ما بَعْدَ اللغَهْ
وسُحَيْم..
وعُرْوَةِ بنِ الوردْ
والرمزيين، والبرناسيين، والسرياليينْ...
فيا سيّدتي، التي أخذت في حقيبتها اللغهْ..
وسافرتْ...
لماذا أطلقتِ الرصاصَ على فمي؟
وأرجعتنِي إلى مرحلة التَأْتأَهْ....
وسُحَيْم..
وعُرْوَةِ بنِ الوردْ
والرمزيين، والبرناسيين، والسرياليينْ...
فيا سيّدتي، التي أخذت في حقيبتها اللغهْ..
وسافرتْ...
لماذا أطلقتِ الرصاصَ على فمي؟
وأرجعتنِي إلى مرحلة التَأْتأَهْ....

الدخول الى هيروشيما





مُبلّلٌ.. مُبلّلٌ
قلبي ، كمنديل سَفَر
كطائرٍ..
ظلّ قروناً ضائعاً تحت المطرْ..
زجاجةٌ..
تدفعها الأمواجُ في بحر القَدَرْ
سفينةٌ مثقوبةٌ
تبحثُ عن خلاصِها،
تبحثُ عن شواطئٍ لا تُنْتَظرْ..
*
قلبيَ يا صديقتي!
مدينةٌ مغلقةٌ..
يخافُ أن يزورها ضوءُ القمَرْ
يضجرُ من ثيابه فيها الضجَرْ..
أعمدةٌ مكسورةٌ
أرصفةٌ مهجورةٌ
يغمرها الثلجُ وأوراقُ الشجَرْ..
قَبْلكِ يا صغيرتي..
جاءت إلى مدينتي
جحافلُ الفُرْسِ وأفواجُ التَتَار
وجاءها أكثرُ من مغامرٍ..
ثم انتحَرْ..
فحاذري أن تلمسي جدرانَها
وحاذري أن تقربي أوثانها
فكلّ من لامسَها..
صار حجرْ..
*
مدينتي..
مالكِ من مدينتي؟.
فليس في ساحاتِها..
سوى الذُباب والحُفَرْ..
وليس في حياتها
سوى رفيقٍ واحدٍ.
هو الضَجَرْ..

أكبر من كل الكلمات




سيدتي ! عندي في الدفتر
ترقص آلاف الكلمات
واحدة في ثوبٍ أصفر
واحدة في ثوبٍ أحمر
يحرق آلاف الصفحات
أنا لست وحيداً في الدنيا
عائلتي .. حزمة أبيات
أنا شاعر حبٍ جوال
تعرفه كل الشرفات
تعرفه كل الحلوات
عندي للحب تعابير
ما مرَّت في بال دواة
الشمس فتحتُ نوافذها
وتركت هنالك مرساتي
وقطعت بحاراً .. وبحاراً
أنبش أعماق الموجات
أبحث في جوف الصدفات
عن حرفٍ كالقمر الأخضر
أهديه لعيني مولاتي
سيدتي ! في هذا الدفتر
تجدين ألوف الكلمات
الأبيض منها .. والأحمر
الأزرق منها .. والأصفر
لكنكِ .. يا قمري الأخضر
أحلى من كل الكلمات
أكبر من كل الكلمات ..