تـقــــديــــــــم

مرحبا كيف حالك ؟ تريد البقاء هنا ؟

اشفق عليك لآنك ستكتشف ان القدر رتب لك لقاء مع رجل سجين، يبحث عن صيغة مناسبة يقنع بها حوائط غرفته كى يبتعدوا قليلاً عنه حتى يتنفس ..!!


الخميس، 17 نوفمبر 2011

حقائب حبّ على رصيفِ الصيف




لا أفهم وسط زحمة الأعياد والأعراس ، ألا يكون للفراق عيد أيضا ، يحتفل فيه العشّاق بالقطيعة ، كما لو كانت مناسبة سعيدة . لا مناسبة للاحتفال بالنكد ، على طريقة أخينا الذي يُغنّي "عيد ميلاد جرحي أنا " .
ثمّ . . كيف أن هذا الكمّ من المجلّات ، التي تتسابق كل صيف لتعليمنا كيف نحبّ ، وماذا نأكل من الأطعمة الْمُثيرة للشهوة ، وماذا نرتدي في المناسبات الحميمة ، وكيف نغنم م
...باهج الصيف ، لم تفكّر في نجدتنا بمقالات تعلّمنا كيف نتفادَى الوقوع في مطبّ الحبّ ، ولا الاحتفاظ برأسنا فوق الماء إن نحنُ غرقنا، وكيف نتداوى من عاداتنا العشقيّة السيئة ، بإيقاف تلك الساعة الداخليّة التي تدور عقاربها فينا ، و تجعلنا نواصل العيش بتوقيت شخص، ما عاد موجوداً في حياتنا .
الجوع العاطفي لدى القارئات ، فتح شهيّة المجلاّت الفرنسيّة كما اللبنانية ، فخصّصت أغلفتها لحثّنا على تناول الكافيار والسلمون والصَّدَف والشوكولا ، بصفتها أطعمة تفتَح القابليّة على ملذّات أُخرى। كان عليها أن تقول أيضاً لِمَن لا يملك ثمن هذه الأطعمة الفاخرة ، ولا يملك حبيباً يتناولها من أجله، ماذا عليه أن يلتهم ليقْمَع رغباته ؟ وبماذا تنصحنا أن نأكل في فترة نقاهتنا العاطفيّة ؟ وماذا نرتدي وماذا نترك مِن ثياب مُعلَّقة في خزانة الذكريات ؟ وأيَّـة أمكنة نزور للنسيان أو نتحاشَى المرور بها ؟ أي كُتب نُطالِع ؟ لأي أغانٍ نستمع ؟ أيَّـة وجهَـة نُقاطِع في أسفارنا ؟ وبِمَن نستنجد كي نُعجّل في شفائنا ؟ أبالعطّارين وقارئات الفنجان على طريقة نـــزار؟ أم بالمشعوذين والسَّحَـرَة على طريقة الأُمّيات ؟ أم ببائعي المجوهرات ومُصمِّمي الأزياء ، كما تفعل الثريّات ؟ أم فقط بالحلّاقين مادام الشَّعر يسرد تحوّلات المرأة وَيَشِي بتغيُّـراتها النفسيّة ، وتقلّبات مزاجها العاطفيّ . فتسريحة الشعر ولونه وقصّته ، هي أوّل ما تُغيِّرها المرأة عند نهاية قصّة حبّ ، أو بداية علاقة جديدة ، كما لتُعلن أنها أصبحت امرأة أُخرى ، وأنها كما الزواحف ، قادرة على تغيير جلدها ، وخلع ذاكرتها . كلام يجزم به علماء النفس ، ويؤكده الازدحام المتزايد على صالونات الحلاقة النسائية .

..ثـــمَّ ، اعلمن يرحمكنّ اللّه ، أنّ القَطِيعَة العاطفيّة تُصيب بالاكتئاب ، فيتداوى منها البعض بالهجوم على البَـرّاد ، وأخريات باللجوء إلى محال الثياب . وهنا أيضاً، كثيراً ما يَشِي وزننا الزائد بما فقدناه مِن حُــبّ، وتَفيض خزائننا بثياب اقتنيناها لحظة ألـمٍ عاطفيّ ، قصد تجميل مزاجنا، عندما فرغت مفكّرتنا من مواعيد ، ما عدنا نتجمّل لها . بينما تهجم أخريات على الها...تف، يُحادثن الصديقات، ويشغلن أنفسهنّ عن صوتٍ لن يأتي ، ووحده يعنيهنّ ، بثرثرة مع إناث الضجر .
للقارئات المبتليات بالهاتف، أُوضّح أنّ الحِمية العاطفية تبدأ برجيم هاتفي ، والامتناع عن الشكوى للصديقات ، عملاً بنصيحة أوسكار وايلد ، الذي كان يقول " إنّ المرأة لا تُواسِـي امرأة أُخرى ، إلاّ لتعرف أسرارها ".
أخيــرا .. إن هزَمنا الحنين ، لنتذكّر أنه هزم قبلنا رجالا اعتقدوا أنهم يمازحون النسيان ، وأفسد عليهم إجازتهم الصيفيّة .ألم يعترف نزار :
"وحاولتُ بعد ثلاثين عاماً من العشق أن أستقيلَ ، وأعلنتُ في صفحاتِ الجرائد أني اعتزلتُ قراءة ما في عيون النساء، وما في رؤوسِ النساء ، وما تحت جلد النساء، وأغلقتُ بابي لَـعَـلّـي أنام قليلا ، وأغمدتُ سيفي وودّعتُ جندي ، وودّعتُ خيلي التي رافقتني زماناً طويلا ، وحاولتُ إقناع حُـبّـك أنّ إجازة عامٍ على البحر، أو في أعالي الجبالِ، تُفيد كِـلَـيْـنَـا ، ولكنّ حبَّكِ ألقَى الحقائب فوق الرصيفِ وأخبرني أنّه لا يُريد الرحيلَ " .