تـقــــديــــــــم

مرحبا كيف حالك ؟ تريد البقاء هنا ؟

اشفق عليك لآنك ستكتشف ان القدر رتب لك لقاء مع رجل سجين، يبحث عن صيغة مناسبة يقنع بها حوائط غرفته كى يبتعدوا قليلاً عنه حتى يتنفس ..!!


الخميس، 13 مايو 2010

انا من جعلتك ست النساء





1
لماذا كسرت الإناء ؟
وأصبحت ضد الكتابة ،
ضد الثقافة ، ضد الأنوثة ، ضد الطفولة ،
ضد النقاء ..
لماذا خلعت القصيدة عنك؟
وأصبحت ضائعة في العراء ..
أنا من جعلتك ، بالشعر ، ست النساء !! ..
وغنيت باسمك .. حتى زرعتك بين نجوم السماء .
وهندست نهدك شكلاً .. وحجماً ..
وعلمته الزهو والكبرياء .
وبعثرت شعرك شرقاً وغرباً
فشق كسيف غلاف الفضاء ..

2
لماذا تسللت من غرفة الشعر ..
حيث البخور ، وحيث الشموع ، وحيث النبيذ ،
وحيث الذهب ..
لماذا هجرت الفراش الوثير ؟
لكي تصبحي قطة من خشب ..
لماذا انتحرت بغير سبب ؟

3
لماذا تركت مكانك بين البيانو .. وبين الكتاب ؟
وبين دموع موزارت .. وبين دموع السحاب .
وبين أناشيد لوركا .. وصوت الرباب .
لماذا احترفت التسكع بين الدكاكين ..
خلف الجديد .. وخلف المثير ..
وخلف التماع السراب ؟
فصرت مجرد ثوب
يعلق بين ألوف الثياب !! ...

4
لماذا كفرت بآلاء شعري عليك ؟
ألا تعرفين بأني اخترعت بياض يديك؟
وأني اقترحت مكان الأصابع في راحتيك؟
وأني اقترحت بأن يطلع الفجر من حلمتيك ؟
وأني اشتغلت نهاراً وليلاً ..
لأرسم بالفحم والزيت غمازتيك ..
فكيف كسرت المرايا ؟
وحطمت ما صنعته يدايا ..
وكيف تكونين في مثل هذا الغباء ؟ ...

5
لماذا تغارين من كلماتي؟
لماذا تخافين فتح دفاتر حبي القديم؟
لماذا تخافين من هلوستي؟
ألا تذكرين بأني عجنتك يوماً
بجلدي .. ولحمي .. وماء حياتي ؟؟

6
خسرت الرهان على كل شيء ..
ولم يبق في ملعب الحب أي حصان ..
ولم يبق قرب سريرك
ديوان شعر ..
ولم يبق ورد ولا أقحوان ..
ولم يبق من مجد روما
سوى حلقات الدخان !!.

7
إذا ما رفعت يدي
عن قميصك يوماً ..
فلن تعرفي أبداً موسم الياسمين !! ..

8
لماذا تفرين من قبضة الذاكره ؟
لماذا تنكرت للخبز .. والملح ..
والبحر .. والثلج ..
والمدن الماطره ؟
ألا تذكرين بأني
كتبتك فوق الوسائد سطراً .. فسطراً ..
وأني اكتشفت أقاليم جسمك ..
براً .. وبحراً ..
ولملمت من تحت إبطيك قمحاً ..
وحولت ماء الأنوثة خمرا ؟ ..

9
جمالك .. ليس جميلاً بدوني ..
وسحرك ليس قوياً بدوني ..
وكل كنوزك ..
من بعض ما أبدعته ظنوني ..
فمن سيحبك بعدي ؟
إذا لم أعطرك يوماً بعطر جنوني ؟؟

10
كفاك غروراً وجهلا ..
فلولاي لم يك هذا الجبين جبينا .
ولم تك هذي الشفاه شفاها .
فلا تقربي من قصائد شعري
فإنك لست على مستواها !!.

حوار مع أعرابي أضاع فرسه




1
لو كانتْ تسمعُني الصحراءْ
لطلبتُ إليها أن تتوقّف عن تفريخِ ملايينِ الشعراءْ
وتحرِّر هذا الشّعب الطيّبَ من سيفِ الكلماتْ
ما زلنا منذُ القرنِ السّابعِ ، نأكلُ أليافَ الكلماتْ
نتزحلقُ في صمغِ الرّاءاتْ
نتدحرجُ من أعلى الهاءاتْ
وننامُ على هجوِ جريرٍ
ونفيقُ على دمعِ الخنساءْ
ما زلنا منذ القرنِ السابعِ .. خارجَ خارطةِ الأشياءْ
نترقّبُ عنترةَ العبسيَّ .. يجيءُ على فَرَسٍ بيضاءْ
ليفرِّجَ عنّا كربتَنا .. ويردَّ طوابيرَ الأعداءْ ..
ما زلنا نقضمُ كالفئرانِ .. مواعظَ سادتِنا الفقهاءْ
نقرأُ (معروفَ الإسكافيَّ) ونقرأُ (أخبارَ الندماءْ)
ونكاتَ جُحا ..
و (رجوعَ الشيخِ) ..
وقصّةَ (داحسَ والغبراءْ) ..
يا بلدي الطيّبَ ، يا بلدي
الكلمةُ كانتْ عصفوراً ..
وجعلنا منها سوقَ بغاءْ ..

2
لو كانتْ نَجدٌ تسمعُني
والربعُ الخالي يسمعني
لختمتُ أنا بالشّمعِ الأحمرِ سوقَ عُكاظْ
وشنقتُ جميعَ النجّارينَ .. وكلَّ بياطرةِ الألفاظْ
ما زلنا منذُ ولادتِنا ..
تسحقُنا عجلاتُ الألفاظْ
لو أُعطى السّلطةَ في وطني
لقلعتُ نهارَ الجمعةِ أسنانَ الخُطباءْ
وقطعتُ أصابعَ من صبغوا .. بالكلمةِ أحذيةَ الخُلفاءْ
وجلدتُ جميعَ المنتَفعينَ بدينارٍ .. أو صحنِ حساءْ
وجلدتُ الهمزةَ في لغتي .. وجلدتُ الياءْ
وذبحتُ السّينَ .. وسوفَ .. وتاءَ التأنيثِ البلهاءْ
والزخرفَ والخطَّ الكوفيَّ ، وكلَّ ألاعيبِ البُلغاءْ
وكنستُ غبارَ فصاحَتنا ..
وجميعَ قصائدنا العصماءْ ..
يا بلدي ..
كيفَ تموتُ الخيلُ .. ولا يبقى إلا الشعراءْ ؟

3
لو أُعطى السُّلطة في وطني
أعدمتُ جميعَ المنبطحينَ على أبوابِ مقاهينا
وقصصتُ لسانَ مغنّينا
وفقأتُ عيونَ القمرِ الضاحكِ من أحزانِ ليالينا
وكسرتُ زجاجتَهُ الخضراءْ ..
وأرحتُكَ يا ليلَ بلادي ..
من هذا الوحشِ الآكلِ من لحمِ البُسطاءْ ..

4
يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي
لو تنشفُ آبارُ البترولِ .. ويبقى الماءْ
لو يُخصى كل المنحرفينَ .. وكلُّ سماسرةِ الأثداءْ
لو تُلغى أجهزةُ التكييفِ .. من الغرفِ الحمراءْ
وتصيرُ يواقيتُ التيجانِ .. نعالاً في أقدامِ الفقراءْ ..
أو أملكُ كرباجاً بيدي ..
جرّدتُ قياصرةَ الصحراءِ من الأثوابِ الحضريَّهْ
ونزعتُ جميعَ خواتمهمْ
ومحوتُ طلاءَ أظافرهمْ
وسحقتُ الأحذيةَ اللمّاعةَ .. والسّاعاتِ الذهبيّهْ
وأعدتُ حليبَ النُوقِ لهمْ
وأعدتُ سروجَ الخيلِ لهمْ
وأعدتُ لهم ، حتّى الأسماءَ العربيّهْ

5
لو يكتُبُ في يافا الليمونُ .. لأرسلَ آلافَ القُبلاتْ
لو أنَّ بحيرةَ طبريّا ..
تُعطينا بعضَ رسائلِها ..
لاحترقَ القارئُ والصفحاتْ ..
لو أنَّ القدسَ لها شفةٌ ..
لاختنقت في فمها الصلواتْ
لو أنَّ .. وما تُجدي (لو أنَّ) .. ونحنُ نسافرُ في المأساةْ
ونمدُّ الأرضَ المحتلّهْ .. حبْلاً شعريَّ الكلماتْ
ونمدُّ ليافا منديلاً طُرِّزَ بالدمعِ .. وبالدعواتْ

يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي
ذبحَتْكَ سكاكينُ الكلماتْ